أرشيف المقالات

بطيبة رسم للرسول ومعهد

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
  بطيبة رسم للرسول ومعهد *** منيرٌ وقد تعفو الرسوم وتهمدُ
ولا تنمحي الآيات من دار حرمةٍ *** بها منبر الهادي الذي كان يصعد
وواضح آثارٍ وباقي معالمٍ *** وربع له فيه مصلى ومسجد

بها حجراتٌ كان ينزل وسطها *** من الله نور يُستضاء ويوقد
معارف لم تُطمَس على العهد آيُها *** أتاها البِلى فالآي منها تَجَدَّد
عرفت بها رسمَ الرسول وعهده *** وقبرا بها واراه في الترب مَلحَد

ظللت بها أبكي الرسولَ فأَسعدَت *** عيونٌ ومثلاها من الجفن تسعد
يذكِّرن آلاءَ الرسول وما أرى *** لها مُحصِيا نفسي فنفسي تبلَّد
مُفجَّعة قد شفَّها فقدُ أحمد *** فظلت لآلاء الرسول تعدد

وما بلغت من كل أمر عُشَيْرَه *** ولكن لنفسي بعد ما قد توَجِّد
أطالت وقوفاً تذرف العين جَهدَها *** على طلل الذي فيه أحمد
فبوركْتَ يا قبر الرسول وبوركَتْ *** بلادٌ ثوى فيها الرشيد المسدد

وبورك لحد منك ضمن طيبا *** عليه بناء من صفيح منضد
تهيل عليه الترب أيدٍ وأعينٌ *** عليه وقد غارت بذلك أسعُد
لقد غيَّبوا حِلما وعلما ورحمة *** عشية علَّوه الثرى لا يوسد

وراحوا بحزن ليس فيهم نبيهم *** وقد وهنت منهم ظهور وأعضد
يُبكُّون من تبكي السماوات يومَه *** ومن قد بكته الأرض فالناس أكمد
وهل عدلت يوما رزيةُ هالك *** رزيةَ يوم مات فيه محمد

تقطع فيه منزلُ الوحي عنهم *** وقد كان ذا نور يغور وينجد
يدل على الرحمن من يقتدي به *** وينقذ من هول الخزايا ويرشد
إمامٌ لهم يهديهمُ الحق جاهدا *** معلم صدق إن يطيعوه يسعدوا

عفُوٌّ عن الزلات يقبل عذرهم *** وإن يحسنوا فالله بالخير أجود
وإن ناب أمر لم يقوموا بحمله *** فمن عنده تيسير ما يتشدد
فبينا همُ في نعمة الله بينهم *** دليل به نهج الطريقة يُقصَد

عزيز عليه أن يجوروا عن الهدى *** حريص على أن يستقيموا ويهتدوا
عطوف عليهم لا يثنى جناحه *** إلى كنف يحنو عليهم ويمهد
فبينا همُ في ذلك النور إذ غدا *** إلى نورهم سهمٌ من الموت مُقصَد

فأصبح محمودًا إلى الله راجعا *** يُبكِّيه حق المرسلات ويحمد
وأمست بلاد الحُرمِ وحْشا بقاعها *** لغيبة ما كانت من الوحي تعهد
قفارًا سوى معمورة اللحد ضافها *** فقيدٌ يبكِّيه بلاط وغرقد

ومسجده فالموحشات لفقده *** خلاء له فيه مقامٌ ومقعد
وبالجمرة الكبرى له ثم أوحشت *** ديار وعرصات وربع ومولد
فبكِّى رسول الله يا عينُ عبرةً *** ولا أعرفنْك الدهر دمعك يجمد

وما لك لا تَبكِين ذا النعمة التي *** على الناس منها سابغٌ يتغمد
فجودي عليه بالدموع وأعولي *** لفقد الذي لا مثله الدهر يوجد
وما فقَد الماضون مثلَ محمد *** ولا مثلُه حتى القيامة يفقد

أعفُّ وأوفى ذمة بعد ذمة *** وأقرب منه نائلا لا ينكَّد
وأبذلُ منه للطريف وتالد *** إذا ضن معطاء بما كان يتلد
وأكرمُ صيتا في البيوت إذا انتمى *** وأكرمُ جدا أبطحيا يسود

وأمنع ذروات وأثبت في العلا *** دعائم عز شاهقات تُشَيِّد
وأثبت فرعا في الفروع ومنبتا *** وعودا غذاه المزن فالعود أغيَد
رَبَاه وليدا فاستتم تمامه *** على أكرم الخيرات ربٌّ مُمَجَّد

تناهت وصاة المسلمين بكفه *** فلا العلم محبوسٌ ولا الرأي يفند
أقول ولا يُلفَى لقوليَ عائبٌ *** من الناس إلا عازبُ العقلِ مبعَد
وليس هواي نازعا عن ثنائه *** لعلي به في جنة الخلد أخلد
مع المصطفى أرجو بذاك جوارَه *** وفي نيل ذاك اليوم أسعى وأجهد   حسان بن ثابت رضي الله عنه
 

شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن