أرشيف المقالات

المحبة في الله تعالى والقيام بحقوقها

مدة قراءة المادة : 25 دقائق .
المحبة في الله تعالى والقيام بحقوقها


المحبةُ في الله تعالى هي أن يُحبَّ المرء ويميل إليه، لا لعَرَض ولا لغَرَض؛ مِن مال أو منصب، أو جاهٍ أو مكانة، أو غير ذلك، بل مِن أجل ما يتَّصِف به من خُلُق حَسَنٍ، وطاعة لله تعالى.
 
والحب في الله هو مِن أسمى وأعلى العلائقِ التي تقومُ بين أفراد المجتمع المسلم؛ وذلك لأنه بذلٌ وتضحية، وعطاء بدون مقابل، وهو مِن أحب الأعمال وأفضلِها عند الله تعالى؛ كما أخبر بذلك الحبيبُ المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله: ((أحبُّ الأعمال إلى الله الحبُّ في الله والبُغْض في الله))[1]، وفي رواية: ((أفضلُ الأعمال الحب في الله، والبغض في الله))[2].
 
وقد أوجب الله تعالى على نفسه محبةَ مَن تخلَّق بخُلُق المحبة للمؤمنين الطائعين؛ فعن أبي إدريس الخولاني رحمه الله[3] قال: دخلتُ مسجد دمشق فإذا فتًى برَّاق الثنايا، وإذا الناس معه، فإذا اختلفوا في شيء أسنَدوه إليه، وصدروا عن رأيه، فسألتُ عنه، فقيل: هذا معاذ بن جبل، فلما كان مِن الغد هجَّرت، فوجدتُه قد سبقني بالتهجير، ووجدتُه يُصلِّي، فانتظرتُه حتى قضى صلاته، ثم جئته من قِبَل وجهِه، فسلَّمت عليه، ثم قلت له: واللهِ إني لأحبُّك لله، فقال: آللهِ؟ فقلت: آلله، فقال: آللهِ؟ فقلت: آلله، فأخذ بحبوةِ ردائي فجذَبني إليه، فقال: أبشِرْ؛ فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قال الله تبارك وتعالى: وجبَت محبَّتي للمتحابِّينَ فيَّ، وللمتجالسين فيَّ، وللمتباذلين فيَّ))[4].
 
والمحبة في الله تعالى منحةٌ ربانية، وسرٌّ مِن الأسرار الإلهية، التي قد لا يُدرِك العبد سببَها، إلا أنه يشعر بأثرها، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ﴾ [مريم: 96]، قال علماءُ التفسير: يحبهم الله ويُحبِّبُهم إلى عباده المؤمنين[5].

وقال في حق سيدنا موسى عليه السلام: ﴿ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ﴾ [طه: 39]، قال ابن عباس: أحبَّه وحبَّبه إلى خلقه، وقال عكرمة[6]: ما رآه أحدٌ إلا أحبه[7].
 
وقد ورد في الحديث عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا أحبَّ الله العبدَ نادى[8] جبريلَ: إن الله يحب فلانًا فأحبِبْه، فيُحِبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحبُّ فلانًا فأحبُّوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القَبول في الأرض))[9].
ويفسِّره حديثُ ثَوْبان رضي الله عنه مرفوعًا: ((إن العبد ليلتمس مرضاةَ الله ولا يزال بذلك، فيقول الله عز وجل لجبريل: إن فلانًا عبدي يلتمس أن يُرضيني، ألا وإنَّ رحمتي عليه، فيقول جبريل: رحمة الله على فلان، ويقولها حَمَلةُ العرش، ويقولها من حولهم، حتى يقولها أهل السماوات السبع، ثم تهبط له إلى الأرض))[10].
 
وقال صلى الله عليه وسلم: ((الأرواح جنودٌ مجنَّدة، فما تعارَف منها ائتَلَف، وما تناكَرَ منها اختلَف))[11].
قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: لا تسَلْ أحدًا عن ودِّه لك، وانظر ما في نفسك له؛ فإن في نفسه مثل ذلك[12].
وقد سئل أبو حمزة النيسابوري عن المتحابينَ في الله عز وجل: مَن هم؟
فقال: العاملون بطاعة الله، المتعاونون على أمر الله، وإن تفرَّقت دُورهم وأبدانهم[13].
وقال أبو سليمان الداراني[14]: قد يعملون بطاعة الله ويتعاونون على أمره، ولا يكونون إخوانًا في الله حتى يتزاوَروا ويتباذلوا[15].
 
وإن مِن ثمرات المحبة في الله أن يبلغ العبد كمالَ الإيمان:
فعن أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((مَن أحبَّ لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان))[16].
بل إن الحب في الله والبُغْض فيه هو مِن أوثق عرى الإيمان؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن مِن أوثق عرى الإيمان: الموالاة في الله، والمعاداة في الله، والحب في الله، والبُغْض في الله عز وجل))[17].
 
ولا يُحِسُّ حلاوةَ الإيمان وطمأنينتَه في القلب إلا ذلك الذي أحبَّ في الله وكرِه في الله؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاثٌ مَن كُنَّ فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسولُه أحبَّ إليه مما سواهما، وأن يُحِبَّ المرء لا يُحِبُّه إلا لله، وأن يكرهَ أن يعود في الكفر كما يكره أن يُقذَف في النار))[18].
وذكر المنذري رواية بلفظ: ((ثلاثٌ مَن كن فيه وجد حلاوة الإيمان وطعمه...))[19].
 
وإنما عبَّر بالحلاوة؛ لأن الله شبَّه الإيمان بالشجرة في قوله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ ﴾ [إبراهيم: 24]، فالكلمة هي كلمة الإخلاص، والشجرة أصلُ الإيمان، وأغصانها اتِّباع الأمر واجتناب النهي، وورقُها ما يهتمُّ به المؤمن من الخير، وثمرُها عمل الطاعات، وحلاوةُ الثمر جَنْي الثمرة، وغاية كمالِه تَناهي نضج الثمرة، وبه تظهر حلاوتُها[20].
وقيل بأن "حلاوة الإيمان استلذاذ الطاعات، وتحمُّل المشاقِّ في الدين، وإيثار ذلك على أعراض الدنيا"[21].
 
ويوم القيامة يكون المتحابُّون في اللهِ تعالى على منابرَ مِن نورٍ يغبِطُهم عليها النبيُّون والشهداء؛ فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: سمِعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قال الله عز وجل: المتحابُّون في جلالي لهم منابرُ مِن نور يغبطُهم النبيون والشهداء))[22].
 
وقد أخبرنا المحبُّ المحبوبُ صلى الله عليه وسلم بأن أصدق المتحابِّينَ في الله هو الأحب إلى الله والأفضل عنده، فقال صلى الله عليه وسلم: ((ما تحابَّ رجلانِ في الله إلا كان أحبهما إلى الله عز وجل أشدهما حبًّا لصاحبه))[23]، وقال: ((ما تحاب اثنانِ في الله تعالى إلا كان أفضلهما أشدهما حبًّا لصاحبه))[24]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((خيرُ الأصحاب عند الله خيرُهم لصاحبه، وخيرُ الجيران عند الله خيرهم لجارِه))[25].
 
وقد دلَّنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أسباب تنميةِ المحبة وتقويتها بين أفراد المجتمع المسلم، سواء منها ما كان بالقول أو بالفعل؛ فمن ذلك:
أولًا: إفشاء السلام: على مَن عرَفنا ومَن لم نعرِف من المسلمين، قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا، أَوَلَا أدلُّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشُوا السلام بينكم))[26].
 
ثانيًا: الهديَّة: فهي توثِّق المحبة، وتمتن العلائق، وتزيل من النفوس ما علق فيها من ضغائنَ؛ ولذلك أرشدنا إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: ((تَهادَوا تحابُّوا))[27]، وفي رواية: ((تهادوا تحابوا، وتذهب الشحناء))[28].
 
ثالثًا: الإخبار بالمحبة: فقد سنَّه لنا الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم؛ لِمَا يُثمِره من زيادة مودَّة، وتوثق أخوَّة، وتعاوُن وتآلُف، فقال صلى الله عليه وسلم: ((إذا أحب الرجل أخاه، فليُخبِره أنه يحبه))[29]، وعن أنس بن مالك أن رجلًا كان عند النبي صلى الله عليه وسلم فمرَّ به رجل، فقال: يا رسول الله، إني لأحبُّ هذا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((أعلَمْتَه؟))، قال: لا، قال: ((أعلِمْه))، قال: فلحِقه، فقال: إني أحبُّك في الله، فقال: أحبَّك الذي أحببتَني له[30].
 
فإذا ما أكرم الله تعالى المتحابينَ يوم القيامة بالجنة، فإن أَوْلاهما بالله وأرفعَهما منزلةً عنده هو ذاك الذي بادَر بإبداء مشاعر المحبة تُجاه إخوانه وأحبابه، دلَّ على ذلك قولُ النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَن أحب رجلًا لله فقال: إني أحبُّك لله، فدخلا جميعًا الجنة، فكان الذي أحب أرفع منزلةً من الآخر، وأحق بالذي أحب لله))[31].
 
فإذا ما كان يوم يحشر الناس حفاةً عراةً غُرْلًا، وتقترب الشمسُ مِن رؤوس الخلائق مسافة مِيل، ويغوصُ الناس في عَرَقِهم، كلٌّ حَسَب عمله، فإن الله تعالى يُكرِم المتحابين في الله ولله بظلِّ عرشه يوم لا ظل إلا ظله، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الله يقول يوم القيامة: أين المتحابُّون بجلالي؟ اليوم أظلُّهم في ظلِّي، يوم لا ظل إلا ظلي))[32]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((سبعةٌ يُظلُّهم الله في ظلِّه يوم لا ظل إلا ظله...، ورجلانِ تحابَّا في الله اجتمعا عليه وتفرَّقا عليه...))[33].
 
ثم بعد أن ينقضيَ ذلك اليوم العصيب، يومُ الفصل بين الخلق، فإن الله يُكرِم المتحابين بجلاله بدارِ كرامته مجتمعين منعَّمين، كما أخبرنا بذلك الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم، فعن أنس رضي الله عنه أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة، فقال: متى الساعة؟ قال: ((وماذا أعددتَ لها؟))، قال: لا شيء إلا أني أحبُّ اللهَ ورسوله صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم: ((أنتَ مع مَن أحببت))، قال أنسٌ: فما فرِحنا بشيءٍ فَرَحَنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنت مع مَن أحببتَ))، قال أنس: فأنا أُحِبُّ النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم بحبِّي إياهم، وإن لم أعمَل بمثل أعمالهم[34].
 
ثم يكونون في الجنة على منابرِ اللؤلؤ، يغبطُهم أهلُ الجنة على هذا النعيم العظيم، الذي أكرمهم الله به ثمرةَ صدقِ محبَّتهم في الله ولله؛ فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((ليبعَثَنَّ اللهُ أقوامًا يوم القيامة في وجوهِهم النورُ على منابرِ اللؤلؤ، يغبطهم الناس، ليسوا بأنبياء ولا شهداء))، قال: فجثا أعرابيٌّ على ركبتَيْه، فقال: يا رسول الله جَلِّهم[35] لنا نعرِفْهم؟ قال: ((هم المتحابُّون في الله، مِن قبائلَ شتى وبلاد شتى، يجتمعون على ذكر الله يذكُرونه))[36].
 
♦ القيام بحقوق الأخوَّة والإحسان للأحبة:
وذلك لأن القلوبَ مجبولةٌ على حبِّ مَن أحسَنَ إليها، وبُغْضِ من أساء إليها، فإذا ما ساد الإحسان بين الإخوان، توثَّقت عُرى المحبة وتعمَّقت، ومِن هذه الحقوق:
أ- المجالسة في الله تعالى: وهي أن يُجالِس كلٌّ منهما الآخر لينتفعَ بمجالسته؛ مِن ذكر لله، أو سماع موعظةٍ، أو حكمة، أو قصة، أو فائدة، أو غير ذلك مما يُرضِي الله تعالى، أما إذا كان المجلس لغِيبة أو نميمة أو كذب، أو غير ذلك مما يغضب الله، فهم أبعد الناس عنه.
 
وإذا كانت المجالسة لله تعالى، استحق الجلساءُ محبةَ الله، وباهى اللهُ تعالى بمجلسهم الملائكة؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خرج معاويةُ على حلقةٍ في المسجد، فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلَسنا نذكر الله، قال: آللهِ ما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك، قال: أمَا إني لم أستحلِفْكم تهمةً لكم، وما كان أحد بمنزلتي مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقل عنه حديثًا مني، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على حلقةٍ مِن أصحابه فقال: ((ما أجلسكم؟))، قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمَده على ما هدانا للإسلام ومنَّ به علينا، قال: ((آللهِ ما أجلسكم إلا ذاك؟))، قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك، قال: ((أما إني لم أستحلفكم تهمةً لكم، ولكنه أتاني جبريل فأخبرني أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة))[37].
 
ب- التباذل في الله: وذلك بأن يبذل كلُّ واحدٍ منهما ما يحتاجه الآخر، لا يبتغي مِن وراء ذلك جزاءً ولا شكورًا؛ إنما يبتغي محبةَ الله ورضوانه، ويدفعه إلى ذلك المحبة الخالصة لوجه الله.
 
ج- التناصح في الله: وهي أن ينصح كلٌّ منهما الآخر، لا يخونه ولا يخدعه، بل يريد له الخير ويدلُّه عليه؛ لأن النصح حقٌّ مِن حقوق أخوةِ الإيمان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((حق المسلم على المسلم ستٌّ))، قيل: ما هن يا رسول الله؟ قال: ((إذا لقيتَه فسلِّم عليه، وإذا دعاك فأجِبْه، وإذا استنصَحَك فانصَحْ له، وإذا عطس فحمِد الله فسمِّتْه، وإذا مرِض فعُدْه، وإذا مات فاتبَعه))[38].
 
وقد أوجب الله محبتَه كذلك للمتناصِحين فيه؛ فعن أبي إدريس الخولاني قال: لقيتُ عبادة بن الصامت فحدَّثته بحديث معاذ، فقال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ عن ربِّه تبارك وتعالى: ((حقَّت محبتي على المتحابِّين فيَّ، وحقت محبتي على المتناصحين فيَّ، وحقت محبتي على المتباذلين فيَّ، هم على منابرَ مِن نورٍ يغبطهم النبيون والشهداء والصدِّيقون))[39].
وإذا كان الدين النصيحة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم[40]، فإنَّ صدقَ النصح من كمال الدين والإيمان، كما أنه مِن صدق المحبة في الله تعالى.
 
د- التزاور في الله تعالى: وهي أن يزورَ أحدُهما الآخر، فزيارة الأحبة مِن نعيم الدنيا وسعادتها، كما أنه سبب المحبة الربانية؛ فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول عن ربه تعالى: ((حقَّت محبتي للمتزاورين فيَّ...))[41].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أن رجلًا زار أخًا له في قريةٍ أخرى، فأرصد الله له على مدرجتِه مَلَكًا، فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخًا لي في هذه القرية، قال: هل لك عليه من نعمةٍ ترُبُّها؟ قال: لا، غير أني أحببتُه في الله عز وجل، قال: فإني رسولُ الله إليك بأن الله قد أحبَّك كما أحببتَه فيه))[42].
 
فإن لم يتحقَّق التزاور بين الأحبة لبُعْد مسافة أو غيرها، فلا أقل مِن أن يكون بينهما تواصل واتصال[43]، فقد أوجب الله محبتَه كذلك للمتواصلين فيه ومن أجله؛ فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عن ربه تعالى: ((حقت محبتي للمتواصلين فيَّ...))[44].
 
اللهم إنا نسألك حبَّك
وحبَّ مَن يحبك
وحبَّ عملٍ يُقرِّبنا إلى حبك
اللهم آمين



[1] أخرجه أحمد في مسنده 35: 229، وقال شعيب الأرنؤوط: حسن لغيره؛ وقد ذكره السيوطي في الجامع الصغير ورمز لحسنه.


[2] أخرجه أبو داود في السنة، باب: مجانبة أهل الأهواء وبغضهم برقم 3983، عن أبي ذر الغفاري.


[3] عائذ الله بن عبدالله الخولاني العوذي الدمشقي (8 - 80 هـ )، تابعي فقيه، ولد يوم حُنين، كان واعظ أهل دمشق وقاصَّهم في خلافة عبدالملك، ولي القضاء في دمشق، روى عن عدد من الصحابة، قال سعيد بن عبدالعزيز: كان عالم أهل الشام بعد أبي الدرداء؛ الإصابة 5: 5؛ الأعلام للزركلي 3: 239.


[4] ذكره المنذري في الترغيب والترهيب 4: 18، وقال: رواه مالك بإسناد صحيح، وابن حبان في صحيحه.


[5] معالم التنزيل؛ للبغوي، 5: 257.


[6] عكرمة بن عبدالله البربري المدني، أبو عبدالله، مولى ابن عباس رضي الله عنهما (25 - 105هـ)، ثقة ثبت، كان مِن أعلم الناس بالتفسير، لم يثبت تكذيبه ولا تثبت عنه بدعٌ، روى له الجماعة؛ تقريب التهذيب ص397؛ الأعلام 4: 244.


[7] معالم التنزيل؛ للبغوي، 5: 272.


[8] أي: نادى اللهُ تعالى جبريلَ عليه السلام.


[9] أخرجه البخاري في بدء الخلق برقم 3037، ومسلم في البر والصلة والآداب برقم 2637.


[10] أخرجه أحمد في المسند 5: 279 برقم 22454، والهيثمي في مجمع الزوائد 10: 335، برقم 17539، وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، غير ميمون بن عجلان، وهو ثقة.


[11] أخرجه البخاري معلقًا عن عائشة رضي الله عنها في أحاديث الأنبياء، ومسلم في البر والصلة والآداب، برقم 2638، عن أبي هريرة رضي الله عنه.


[12] انظر: الاستذكار؛ لابن عبدالبر 8: 450، ويبدو أن هذا ليس على إطلاقه، والله أعلم.


[13] انظر: الاستذكار 8: 451.


[14] عبدالرحمن بن أحمد بن عطية العنسي المذحجي، أبو سليمان الداراني (140 - 215 هـ)، الإمام الكبير، زاهد العصر، من كبار المتصوفين، من أهل داريا (بغوطة دمشق)، رحل إلى بغداد وأقام بها مدة، ثم عاد إلى الشام، وتوفي في بلده؛ سير أعلام النبلاء 10: 182، الأعلام؛ للزركلي، 3: 293.


[15] الاستذكار؛ لابن عبدالبر 8: 451، ويُفهَم مِن كلامه أنه لا تكمل المحبة في الله إلا إذا اقترنت بالبذل والتزاوُرِ في الله، وهذا صحيح، إلا أنه ثمرةٌ من ثمرات المحبة، وأثرٌ مِن آثارها.


[16] أخرجه أبو داود في السنة، برقم 4681، والحاكم في المستدرك 2: 178، برقم 2694، وقال: على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.


[17] أخرجه الطبراني في الكبير 11: 215، برقم 11537، والبيهقي في شُعب الإيمان 7: 70، برقم 9513، بسند صحيح.


[18] أخرجه البخاري في الإيمان، برقم 16، ومسلم في الإيمان، برقم 43.


[19] ذكره المنذري في الترغيب والترهيب 4: 8.


[20] فتح الباري؛ لابن حجر، عن ابن أبي جمرة، 1: 60.


[21] فتح الباري 1: 61.


[22] أخرجه الترمذي في الزهد، برقم 2390، وقال: حديث حسن صحيح.


[23] ذكره المنذري في الترغيب والترهيب، 4: 16، وقال: رواه الطبراني وأبو يعلى، ورواته رواة الصحيح إلا مبارك بن فضالة، ورواه ابن حبان في صحيحه والحاكم، إلا أنهما قالا: كان أفضلهما أشدهما حبًّا لصاحبه، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي.


[24] أخرجه ابن حبان في صحيحه 2: 325، والحاكم في المستدرك، 4: 189، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.


[25]أخرجه البخاري في الأدب المفرد ص53 برقم115؛ وأحمد في المسند 2: 167 برقم 6566؛ والترمذي في البر والصلة برقم 1944؛ والدارمي في السير برقم 2437؛ والحاكم في المستدرك 4: 181 برقم 7295 وقال: على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
وذكره المنذري في الترغيب والترهيب 4: 17 وقال: رواه الترمذي وحسنه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم.


[26] أخرجه مسلم في الإيمان، برقم 54.


[27] أخرجه البخاري في الأدب المفرد، 1: 208، عن أبي هريرة رضي الله عنه، والحديث حسن؛ كما قال الألباني.


[28] أخرجه مالك في موطئه، 2: 908، برقم 16.


[29] أخرجه أبو داود في الأدب، برقم 5124، والترمذي، برقم 2393، وقال: حديث حسن.


[30] أخرجه أبو داود في الأدب، برقم 2125، قال النووي في رياض الصالحين: بإسناد صحيح.


[31] ذكره المنذري في الترغيب والترهيب، 4: 10 وقال: رواه البزار بإسناد حسن.


[32] أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب، برقم 4655.


[33]أخرجه البخاري في الأذان برقم 629؛ ومسلم في الزكاة برقم 1031.


[34] أخرجه البخاري في المناقب، برقم 3485، واللفظ له، ومسلم في البر والصلة والآداب، برقم 2639.


[35] أي: صِفْهم لنا، وفي بعض الروايات: "حلِّهم"، وكلاهما بمعنًى واحد.


[36] ذكره المنذري في الترغيب والترهيب، 4: 12، وقال: رواه الطبراني بإسناد حسن، والهيثمي في مجمع الزوائد، 10: 77، وفي 10: 490 بلفظ آخر، وقال: رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح.


[37] أخرجه مسلم في صحيحه في الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب: فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، برقم 4869.


[38] أخرجه مسلم في السلام، برقم 2162، والترمذي في الأدب، برقم 2737، والنسائي في الجنائز، برقم 1938.


[39] أخرجه ابن حبان في صحيحه، 2: 338، وصحَّح البوصيريُّ إسناده في إتحاف الخيرة المهرة، 6: 104، وذكره المنذري في الترغيب والترهيب، 4: 19.


[40] أخرجه مسلم في الإيمان، برقم 55.


[41] أخرجه الحاكم في المستدرك، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.


[42] أخرجه مسلم في فضل الحب في الله، 4: 1988، برقم 2567.


[43] وقد سهَّلتْ وسائلُ الاتصال الحديثة سرعةَ التواصل بين الأحبة والإخوان، فلا ينبغي أن يزهدوا بذلك.


[44] أخرجه الحاكم في المستدرك، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢