عنوان الفتوى : الدين يمنع وجوب الزكاة في الأموال الباطنة
اقترضت منذ عام فقط قدرا من المال لشراء سيارة من المؤسسة التي أعمل فيها بدون فائدة واتفقنا على إرجاع المال بالتقسيط لمدة 40 شهرا تسهيلا وتيسر لي والآن أنا أستطيع أن أرجع ما تبقى من المال لو اشاء ولي نصاب فهل أزكي علي مالي أم يعتبر مالي ديناً. جزاكم الله خيرا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجمهور أهل العلم على أن الدين يمنع وجوب الزكاة في الأموال الباطنة، وهي الذهب والفضة والنقود، وعروض التجارة، وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي في القديم وأحمد، فإذا كان الدين يستغرق النصاب أو ينقصه فلا زكاة في هذه الأموال، وكذلك الأموال الظاهرة من الزروع والثمار والماشية لا تجب الزكاة فيها مع الدين عند أحمد وبعض أهل العلم:
وذهب الشافعي في الجديد من قوليه إلى أن الدين لا يمنع وجوب الزكاة، والراجح ما ذهب إليه الجمهور، لأدلة مذكورة في كتب الفقه، منها ما روى أبو عبيد في الأموال أن عثمان رضي الله عنه كان يقول: هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤده حتى تخرجوا زكاة أموالكم. وفي رواية فمن كان عليه دين فليقض دينه، وليزك بقية ماله.
وقد قال ذلك بمحضر من الصحابة فلم ينكروه، فدل على اتفاقهم عليه، كما قال ابن قدامة في المغني: 2/630
فإن كان الدين لا ينقص النصاب خصم من مال الزكاة بقدره وزكي الباقي، ومن كان له مال آخر لا تجب فيه الزكاة فائض عن حوائجه الأساسية فإنه يجعله في مقابل الدين ليسلم المال الزكوي فيخرج زكاته.
والمقصود بالحوائج الأساسية: المسكن والملبس والمركب الذي يستعمله مثله.
فإن كان لديك عروض وأموال -غير زكوية- كبيوت وسيارات وآلات تساوي قيمة دينك، ولم تكن تحتاجه حاجة ماسة لسكن أو مركب... فالواجب عليك حينئذ إخراج زكاة جميع ما لديك من مال، لأن ما لديك من الأموال الأخرى جعل في مقابل دينك، وإن كان ما لديك من الأموال غير الزكوية لا يساوي قيمة الدين كله وإنما يساوي بعضه، فالأمر بحسبه.
وإن لم يكن لديك فائض عن حوائجك الأساسية: خصمت الدين كله من مال الزكاة، فيجب عليك حينئذ أن تزكي عن ما تبقى من المال إذا لم ينقص عن النصاب.
وينبغي أن تجتهد في تقدير ما لديك من الأموال -غير الزكوية- الفائضة عن حوائجك الأساسية، وأن تعلم أن الزكاة بركة ونماء للمال، وشكر لنعمة الله تعالى، وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى.