عنوان الفتوى : الإصلاح بين الزوجين أولى من رفع دعوى للطلاق
حصلت مشكلة بيني وبين زوجي، واتفق مع أهلي على الطلاق في خلال أسبوع، وخرجت من منزلي على هذا الأساس. والآن مرَّ شهران، ولم أطلق، وبعث لي رسالة بأني ناشز، وأعطى الناس حجة؛ لأن يشكو من أخلاقي، وأني خائنة، وهو لا يريد أن يطلق، أو أن أرجع إلى منزلي. ما حكم الشرع عليَّ في هذه الحالة؟ وهل إذا رفعت دعوى قضائية سيكون هناك إثم عليَّ؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنك قد أخطأتِ حين خرجتِ من بيت زوجك لمجرد الاتفاق بينه وبين أهلك على الطلاق، فهذا مما لا يسوغ لك شرعا الخروج، إلا إذا أذن لك زوجك بالخروج. والخروج بدون إذن الزوج موجب للنشوز. والنشوز لا يعني شَكًّا في شرف المرأة، أو في أخلاقها.
ولا يحق لزوجك أن يتركك معلقة هكذا لا بأيم، ولا بذات زوج، فإما أن يمسك بمعروف، أو يفارق بإحسان، كما قال سبحانه: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ {البقرة:229}.
ومن حقك رفع دعوى للقضاء، ولكن ننصح بأن يجلس العقلاء من أهلك وأهله، وينظروا في الأمر، ويعملوا على الإصلاح بينكما، فمهما أمكن الإصلاح كان أفضل، فالطلاق له عواقبه السيئة في الغالب، وخاصة إذا رزق الزوجان الأولاد، قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء:35}، وقال سبحانه: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ {النساء:128}.
وإن تعذر الإصلاح، ولم يكن بد من الطلاق، فلا بأس بالمصير إليه، ولعل الله سبحانه يغني كلا منكما من فضله، كما وعد في محكم كتابه، حيث قال: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللهُ وَاسِعًا حَكِيمًا {النساء:130}.
قال القرطبي في تفسيره: أي: وإن لم يصطلحا بل تفرقا، فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيّض للرجل امرأة تقرّ بها عينه، وللمرأة من يوسّع عليها. اهـ.
والله أعلم.