عنوان الفتوى : يهدد زوجته بالطلاق بعد أن أحب زميلة له في العمل
متزوجة، منذ تسع سنوات، وعندي ثلاثة أطفال، زوجي أحبَّ زميلته في العمل، وهي تصغره بـ 16 عامًا، طلقني، ولكنه تدارك الوضع وأرجعني، شريطة أن يتزوج عليَّ، وعندما طلقني لم أكن أعلم بوجود عشيقة، بل قال: إنني مقصِّرة معه، وتركني فجأة، ودخلت في صدمة، ومرضت مرضًا شديدًا مع أننا -والحمد لله- كنا نعيش حياة هادئة ومستقرة.
وافقت أن أعود لأجلي، ولأجل أطفالي، والد عشيقة زوجي لم يكن يعلم بعلاقتهما، والآن تقدم زوجي لها، ووالدها يرفض، بحجة أنه متزوج.
الآن هي تسعى بشتى الوسائل أن تبعده عني، لأنه لو طلقني، فمن الممكن أن يوافق والدها، لدرجة أنها زرعت في عقله فكرة أنني قبلت العودة له حتى أفشل علاقتهما.
اتهمتني بالسحر والشعوذة، وأني قمت بعمل، لإرجاع زوجي لبيتنا، والمشكلة أن زوجي يصدقها، وأصبح لا يأكل، ولا يشرب عندي، ولا يأتي البيت إلا للنوم.
أنا -والحمد لله-، أصلِّي دائمًا، وأعمل لأعيل أطفالي مادياً، ويشهد الله أني بريئة من كل اتهاماتهما.
زوجي يهددني بالطلاق في حال ذهبت لأهلها أو كلمتهم، وأنا تعبت، فقد وافقت أن يتزوج عليَّ، مع أني -ويشهد الله-، أحمل مسؤوليات عني وعنه، وأراعي ديني في كل نواحي حياتي، لكنه غير مقتنع بي، ويحس أنه يستحق أفضل مني ومن أطفالنا، مع أني جميلة، ومتعلمة، وأساعده في كل النواحي.
لا أريد أن أصل للطلاق مجددًا. فهل يجوز لي أن أدعو عليها؟ وهل أذهب لأهلها، لعلي أنقذ ما تبقى من بيتي وأحميه؟ خصوصًا أنها مستمرة في الأذى، ومن الواضح أن زوجي يكذبني ويصدقها.
قال لي زوجي آخر مرة: لقد قمت بإرجاعك، لكنك لم تتقي الله فيَّ، وأنني سحرته، ويشهد الله أنني لم، ولن أقرب السحرة، فأنا مؤمنة، ومتعلمة، وطوال حياتي لم أفسِّر أي مرض، أو فشل في حياتي على أنه سحر.
أعلم أن السحر مذكور في القرآن، لكنني أؤمن أن الله هو الحامي، حتى زوجي هذه ليست أفكاره، هي أفكارها، لكنه يصدقها.
هددني بالقتل في حال ثبت أنني سحرته. فكيف أتصرف؟
انصحوني.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت تلك المرأة ظلمتك باتهامك بالسحر -ونحوه-؛ فيجوز لك في هذه الحال؛ الدعاء عليها بقدر مظلمتك، وراجعي الفتوى: 419995.
وما دام زوجك منعك من الذهاب إلى أهل هذه المرأة، وهددك بالطلاق إن فعلت ذلك؛ فلا تذهبي إلى أهلها، وفوضي أمرك إلى الله -تعالى-، وبيِّني لزوجك أنّك بريئة من هذه الاتهامات، ووسطي من يكلمه في ذلك من العقلاء من الأهل أو غيرهم من الصالحين، ممن لهم عنده وجاهة، ويقبل قولهم.
وعاشريه بالمعروف، واصبري وأكثري من الدعاء، وأحسني ظنك بالله -تعالى-؛ فلن يضيعك الله إذا صبرت واتقيت الله، وستكون عاقبتك خيرًا، قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ [يوسف: 90].
قال القرطبي -رحمه الله- في تفسيره: أي يتق الله ويصبر على المصائب، وعن المعاصي. (فإن الله لا يضيع أجر المحسنين)، أي: الصابرين في بلائه، القائمين بطاعته. انتهى.
وقال السعدي -رحمه الله- في تفسيره: ومنها: فضيلة التقوى والصبر، وأن كل خير في الدنيا والآخرة فمن آثار التقوى والصبر، وأن عاقبة أهلهما، أحسن العواقب. انتهى.
والله أعلم.