عنوان الفتوى : الكلام المذكور لا يقع به طلاق
السؤال
أرجو أن يتسع صدركم لسؤالي.
في أحد الأيام دار شجار بيني وبين زوجتي، ذهبت عند أهلها لتزورهم، وكنت اتفقت معها أن لا تجلس عندهم، وفعلا لم تجلس عندهم، وأتت إلى المنزل، وأرسلت لي رسالة في تطبيق الواتساب لكي تستفزني، ولكي ترى ما هي ردة فعلي. تقول فيها: إنها لن تأتي إلى المنزل اليوم.
رأيت الرسالة، وغضبت، وحلفت لها أنها لن تدخل المنزل إن لم تأت، واشتد الحوار، وقالت: سآتي غدا، وقلت لها: إنني قد أقسمت بالله أنني لن أنظر لوجهك من اليوم إن لم أجدك في المنزل. وقالت: إن شاء الله، وقلت لها: أجدك في المنزل، إن دخلت المنزل أنا الأول، فلا تأتي -إن شاء الله- لن أحنث، فقالت: أتهددني، فقلت لها: احسبيها كما تريدين. فقالت: غدا سآتي، فقلت لها: لقد أقسمت بالله. إذا كنت لا تريدين أن تدخلي إلى ذلك المنزل فافعليها. أنا لم يبق لي إلا وقت قليل، وأنتهي من العمل، وسأذهب للمنزل، إن لم أجدك هناك حتى غدا لا تأتي. فقالت: لماذا؟ ألا تشكل لك عائلتي شيئا في حياتك؟ فقلت لها: تريدين فقط أن ننهي هذا الشيء، ها نحن سننهيه، واجلسي في بيتكم. بمعنى تريدين أن ننهي هذه العلاقة، ها نحن سننهيها، واجلسي في بيتكم. فقالت: نعم ok مرحبا لن أدخل، فقلت لها: أقسم برب العزة -إن شاء الله- لن تدخلي ذلك المنزل؛ لأنني أعلمتك، والآن سأتكلم مع والدي، لكي لا يتركك تدخلين، والآن ابقي في منزلكم. وهذه العبارة الأخيرة، في بعض الأحيان أقول ربما نويت بها طلاقا، أو ربما نويت بها طلاقا في المستقبل، أو ربما قلتها قاصدا معنى الجملة بعينها. والله أنا في حيرة. أرجو أن تساعدوني.
والمصيبة أنني عندما أتيت للمنزل وجدتها في المنزل.
وهذا الحوار دار في تطبيق الوتساب كتابة، والله ما أعلم ما كانت نيتي في باقي الحوار؟ هل هي تهديد؟ أم زجر؟ أم طلاق؟ رغم أنني أستبعده؛ لأنني أظن حينها لم أكن أعلم كنايات الطلاق. ما أتذكر أنني عندما أنهيت الكلام انتابني خوف، وبدأت أبحث في الفتاوى عن الكلام الذي قلته هل وقع مني شيء. وذهبت عند صديق، وقرأ الحوار، وقال لي: ما كانت نيتك؟ قلت لا أعلم، وقال: لا شيء عليك.
ما حكم هدا الحوار؟ هل يقع عليَّ شيء؟ وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلم يقع طلاقك بشيء مما ذكرت من الكلام الذي راسلت به زوجتك، حين ظننت أنّها لم ترجع إلى البيت؛ فإنّك لو كنت تلفظت بصريح طلاقها بناءً على هذا الظن، ثمّ تبين لك أنّها رجعت إلى بيتك؛ فالراجح عندنا عدم وقوع طلاقك في هذه الحال. وأولى إذا لم يحصل طلاق أصلا لا بالصريح، ولا بالكناية مع النية.
قال ابن القيم -رحمه الله-: وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ إذَا عَلَّلَ الطَّلَاقَ بِعِلَّةٍ، ثُمَّ تَبَيَّنَ انْتِفَاؤُهَا. فَمَذْهَبُ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ التَّعْلِيلِ بِلَفْظِهِ، وَلَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ أَنْ يُطَلِّقَهَا لِعِلَّةٍ مَذْكُورَةٍ فِي اللَّفْظِ، أَوْ غَيْرِ مَذْكُورَةٍ.
فَإِذَا تَبَيَّنَ انْتِفَاؤُهَا لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي لَا يَلِيقُ بِالْمَذْهَبِ غَيْرُهُ، وَلَا تَقْتَضِي قَوَاعِدُ الْأَئِمَّةِ غَيْرَهُ، فَإِذَا قِيلَ لَهُ: امْرَأَتُك قَدْ شَرِبَتْ مَعَ فُلَانٍ، أَوْ بَاتَتْ عِنْدَهُ، فَقَالَ: اشْهَدُوا عَلَيَّ أَنَّهَا طَالِقٌ ثَلَاثًا، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا كَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فِي بَيْتِهَا قَائِمَةً تُصَلِّي، فَإِنَّ هَذَا الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ بِهِ قَطْعًا. انتهى من أعلام الموقعين عن رب العالمين.
والله أعلم.