عنوان الفتوى : هل تدرك الصلاة بإدراك تكبيرة الإحرام أو أقل من ركعة؟
السؤال
هل تدرك الصلاة بإدراك تكبيرة الإحرام، أو أقل من ركعة؟ فأنا أدرس في مدينة بعيدة بعض الشيء، ووصلت إلى المنزل الساعة الرابعة، ووقت العصر 5:3م، وساعدت والدي في إنزال التلفاز التالف إلى المستودع، ثم صعدنا لتناول الغداء، وبعد ذلك دخلت الحمام لأتوضأ، علمًا أني أتأخر في الحمام بسبب مشكلة في بطني، وهذه من أكبر مشكلاتي، وخرجت ووجدت أنه قد بقيت دقيقتان لدخول وقت العصر، فأقمت الصلاة في الساعة 5:1م وصليت الظهر (ووقت العصر يدخل 5:3م)، فلا أدري هل أدركت ركعة كاملة أم أقل، فهل يجب عليّ إعادة الصلاة؟ وهل أعد معذورًا، أم يجب عليّ أن أصلي قبل تناول الغداء؟ جزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا شك أنك أخطأت في تأخير الصلاة حتى بقي من الوقت ما لا يسعها كلها، وقد نصّ الفقهاء على تحريم تأخير الصلاة إلى هذا الوقت، جاء في «أسنى المطالب في شرح روض الطالب»: وَوَقْتُ حُرْمَةٍ وَهُوَ: آخِرُ وَقْتِهَا بِحَيْثُ لَا يَسَعُهَا.. اهــ. وفي «حاشية الجمل»: لَا يَسَعُهَا: أَيْ: جَمِيعُ أَرْكَانِهَا. اهــ.
وعلى كل حال؛ فلا يلزمك إعادة تلك الصلاة التي صليتها؛ لأنها إن وقعت في وقتها، فهي أداء، وإن وقعت بعد وقتها، فهي قضاء، فلا تطالب بإعادتها وقد صليتها، ولا تبطل بوقوع بعضها خارج الوقت.
وعند الحنابلة أن الصلاة تدرك أداءً بتكبيرة الإحرام في وقتها، جاء في «كشاف القناع عن متن الإقناع»: تُدْرَكُ مَكْتُوبَةٌ أَدَاءً كُلُّهَا بِتَكْبِيرَةِ إحْرَامٍ فِي وَقْتِهَا، أَيْ: وَقْتِ تِلْكَ الْمَكْتُوبَةِ، سَوَاءٌ أَخَّرَهَا لِعُذْرٍ، كَحَائِضٍ تَطْهُرُ، وَمَجْنُونٍ يُفِيقُ، أَوْ لِغَيْرِهِ ...
وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ وَهُوَ فِيهَا، وَلَوْ كَانَ (أَخَّرَهَا عَمْدًا) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ. قَالَ الْمَجْدُ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ: تُدْرَكُ بِتَكْبِيرَةٍ؛ بِنَاءُ مَا خَرَجَ مِنْهَا عَنْ وَقْتِهَا عَلَى تَحْرِيمِهِ الْأَدَاءَ فِي الْوَقْتِ، وَأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ، بَلْ تَقَعُ الْمَوْقِعَ فِي الصِّحَّةِ وَالْإِجْزَاءِ. اهــ مختصرًا.
ومن الفقهاء من يرى أن الصلاة تدرك بإدراك ركعة كاملة بسجدتيها في وقتها، ومنهم من يرى أنها تدرك بالركوع فقط، جاء في «الموسوعة الفقهية الكويتية»: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يُمْكِنُ بِهِ إِدْرَاكُ الْفَرْضِ إِذَا تَضَيَّقَ الْوَقْتُ: فَعِنْدَ الْجُمْهُورِ يُمْكِنُ إِدْرَاكُهُ بِرَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا فِي الْوَقْتِ، فَمَنْ صَلَّى رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ ثُمَّ خَرَجَ الْوَقْتُ، يَكُونُ مُؤَدِّيًا لِلْجَمِيعِ ...
وَذَهَبَ أَشْهَبُ إِلَى أَنَّهَا تُدْرَكُ بِالرُّكُوعِ وَحْدَهُ.
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَبَعْضِ الْحَنَابِلَةِ: يُمْكِنُ إِدْرَاكُ الصَّلَاةِ بِتَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ ...
وَقَال بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ: إِنَّهُ يَكُونُ مُؤَدِّيًا لِمَا صَلَّى فِي الْوَقْتِ، قَاضِيًا لِمَا صَلَّى بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، اعْتِبَارًا لِكُل جُزْءٍ بِزَمَانِهِ. اهــ.
والله أعلم.