عنوان الفتوى : الحلف بالطلاق وتعليقه على شرط
السؤال
لو أن رجلا يتشاجر مع ابنه، وحلف على زوجته فقال لها: عليّ الطلاق بالثلاثة لتمشي الآن، ولن تجيئي إلا لما آتي لآخذك. وهي مشت، وبعد أربعة أيام اتصل بها وهو في الطريق يقول لها: أنا آت لآخذك. ومع العلم ولي أمرها كان في الشغل، ولا يوجد أحد في البيت، فقالت له: كنت عرَّفتني من قبل، لن أذهب معك بدون ما أقول لأخي. فرجع ولم يأت، وبعدها اتصل، وحلف بالطلاق أنه لن يجيء ليأخذها.
وبعد ذلك اتصل، وقال لها: لو ما جئت الساعه 12 آخر شيء تبقين طالقا، وهي لم تذهب بناءً على الحلف الأول.
فما الحل؟ هل يدفع كفارة؟ وهل الطلاق وقع؟ مع العلم أن هذه آخر طلقة لها.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأكثر أهل العلم على أنّ الحلف بالطلاق وتعليقه على شرط -سواء أريد به الطلاق، أو التهديد، أو المنع، أو الحث، أو التأكيد- يقع الطلاق بالحنث فيه، وأنّ الطلاق بلفظ الثلاث يقع ثلاثا، وهذا هو المفتى به عندنا.
لكن بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق، وإنما يراد به التهديد، أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث لزم الحالف كفارة يمين، ولا يقع به طلاق، وعند قصد الطلاق يرى أنّ الطلاق بلفظ الثلاث يقع واحدة، وانظري الفتوى: 11592.
وعليه؛ فالمفتى به عندنا؛ أنّ هذه الزوجة بعدم رجوعها إلى بيت زوجها قبل الساعة الثانية عشرة؛ قد طلقت منه طلقة.
وأنّ زوجها إذا ذهب إلى بيت أهلها ليردها؛ وقعت عليها طلقة.
وأنّها إذا رجعت إلى بيت زوجها من غير أن يأتي إلى بيت أهلها ليردها؛ طلقت منه ثلاثا، وبانت منه بينونة كبرى، فلا تحل له إلا إذا تزوجت زوجا آخر –زواج رغبة لا زواج تحليل- ويدخل بها الزوج الجديد ثم يطلقها، أو يموت عنها وتنقضي عدتها منه.
فإذا لم يكن زوجها طلقها قبل ذلك؛ فإنّه يذهب إلى بيتها ليرجعها؛ وبذلك يكون قد وقعت عليها طلقتان، فله مراجعتها في عدتها، وتبقى له طلقة واحدة، وقد بينا ما تحصل به الرجعة شرعا في الفتوى : 54195.
وأما إذا كان زوجها طلقها قبل ذلك -كما هو الظاهر من قولك: مع العلم ان هذه آخر طلقة لها- فقد بانت منه بينونة كبرى.
وأمّا على قول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- فإن كان الزوج لم يقصد إيقاع الطلاق بهذه الأيمان، ولكن قصد التأكيد، أو التهديد، أو المنع؛ فله أن يذهب إلى بيت أهلها ليردها، أو ترجع إليه من غير أن يأتيها؛ ولا يقع طلاقه، ولكن تلزمه كفارتا يمين.
وما دام في المسألة تفصيل وخلاف بين أهل العلم؛ فالأولى أن تُعرض على من تمكن مشافهته من أهل العلم الموثوق بدينهم وعلمهم في بلد السائلة.
وننبه إلى أن الحلف المشروع هو الحلف بالله تعالى، وأما الحلف بالطلاق فهو من أيمان الفساق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه، ولا سيما إذا كان بلفظ الثلاث، فينبغي الحذر من الوقوع فيه.
والله أعلم.