عنوان الفتوى : يرغب بنكاح امرأة مطلقة وأكبر منه وأهله يرفضون
السؤال
جزاكم الله خيرا على هذا الموقع الإسلامي المفيد والنافع بإذن الله تعالى.
سؤالي بخصوص الموضوع التالي:
أنا شاب عزب من سوريا، مهندس، عمري 27 سنة، وأريد الزواج من فتاة تدرس في كلية الشريعة والحقوق. مُطلَّقة، وأكبر مني بسنة ونصف تقريبا، فتاة ذات خلق ودين وحسب ونسب وجمال ورجاحة عقل. ولكن أهلي رفضوا هذا الزواج بشكل قطعي، ولم يتقبلوا الفكرة نهائيا.
تعرفت على الفتاة عن طريق العمل، وبدأت علاقتنا أخوية، كنا نتحدث عن طريق الواتس أب، وكانت تساعدني في البحث عن زوجة، وكنت بجانبها عندما تعرضت منطقتهم للقصف والتهجير، وبحثت لها ولعائلتها عن منزل في منطقتنا الآمنة نوعا ما، وهكذا استمرت علاقتنا الأخوية. وما لبثت أن تحولت العلاقة بعد فترة ثلاثة أشهر إلى حُب وتعلُّق، أفصحت لها عن مشاعري لعل الزواج يكون من نصيبنا بدل الحديث المطول على الإنترنت من دون فائدة، على الرغم من أنني أعلم أن أهلي والمجتمع المحيط بي سيرفضون هذا الأمر، وسيقفون عائقا أمام هذا الزواج، ولكن توقعت أنني سأنجح في إقناعهم بهذا الأمر.
أهلي من النوع المتردد، ويتأثرون بكلام الناس من حولهم، ويحسبون ألف حساب لكلام المجتمع الذي لا فائدة منه، المجتمع الجاهل الذي ينظر بنظرة سلبية إلى من يتزوج بفتاة مطلقة، أو أكبر منه سِنّا.
لولا تردد أهلي وتدقيقهم على أبسط الأمور كُنت قد تزوجت منذ فترة بعيدة، ولكن ترددهم كان سببا في التخريب على زواجي أكثر من مرة.
إلى أن تعرفت على هذه الفتاة، وتعلقتُ بها وتعلقَتْ بي، ولكن أهلي رفضوا رفضا قاطعا بحجة أنني الابن البكر لديهم، ويريدون تزويجي من فتاة بكر وأصغر مني.
حاولت إقناعهم بشتى الوسائل أنني أريد هذه الفتاة، وأنني سأكون سعيدا معها لِما وجدته من رجاحة عقلها وفكرها، وانسجام طباعنا مع بعضنا، ولكن دون جدوى. مع العلم أنني قلت لهم إن البنت لا تعرف أنني أريدها.
تعبتُ كثيرا، ويبقى بالي مشغولا بها. تحولت علاقتي مع والدَيَّ إلى علاقة باردة، ولا أجلس معهم كثيرا، وأمي حزنت حزنا شديدا لوضعي، وتسعى إلى تزويجي من فتاة أخرى بأسرع وقت، ولكن أنا كرهت هذا الموضوع، وأقول لها: لا أريد الزواج حاليا، ولا تبحثي لي عن زوجة.. أهلي لا يعلمون مدى تعلقي بتلك الفتاة، ولو علموا أننا نتحدث سوياً لزاد إعراضهم أكثر وأكثر.
وصلنا أنا وهذه الفتاة إلى مرحلة تعبنا فيها كثيرا، ولا نعلم ما الحل. حاولْتُ تخفيف الحديث معها من باب حرمانية كلامنا على الإنترنت، ولعل الله ييسر لنا أمر الزواج إذا تركنا هذا الذنب، ويفرج همنا، ولكن إلى الآن نتحدث مع بعضنا، ولم نستطِع قطع العلاقة نهائيا، وما زال لدينا أمل.
فما الحل لحالتنا تلك؟ وكيف نتصرف؟
أفيدونا بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلنبدأ بما ذكرت من هذه المحادثات التي بينك وبينها عبر الانترنت، وهو أمر لا يجوز، وقد يكون بابا للفتنة، ووقوع ما هو أعظم، فالواجب عليك المبادرة إلى التوبة النصوح، وقطع هذه المحادثات فورا، إن أردت لنفسك العافية، وراجع الفتوى: 30003، والفتوى: 21582.
وينصح المتحابان بالزواج، كما أرشد إلى ذلك الرسول -عليه الصلاة والسلام-، ففي الحديث الذي رواه ابن ماجه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لم ير للمتحابين مثل النكاح.
وكون هذه المرأة مطلقة، أو أنها أكبر منك سنا، لا يمنع شرعا من الزواج منها، فقد تزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- خديجة -رضي الله عنها- وهي أكبر منه سنا، وتزوج نساء قد سبق لهن الزواج.
فننصحك بكثرة الدعاء، ومحاولة إقناع والديك عن طريق بعض الفضلاء من الناس الذين ترجو أن يستجيبا لكلامهم، فإن تيسر إقناعهما فالحمد لله، وإن لم يتيسر ذلك، فالأصل أن الواجب عليك طاعة والديك، وترك الزواج منها، إلا أن تخشى مفسدة أكبر، كما هو مبين في الفتوى: 93194.
وإن رأيت الصبر، ومجاهدة نفسك، وترك الزواج منها برا بوالديك؛ فذلك أمر حسن، قد ييسر الله تعالى بسببه من الخير ما لا يخطر لك على بال؛ كالزواج من امرأة صالحة، وترزق منها ذرية طيبة تقر بها عينك، فتسعد في دنياك وأخراك.
والله أعلم.