عنوان الفتوى : اختيار الزوج أو الزوجة عن طريق وسائل التواصل فيه مخاطر
السؤال
أنا فتاة عمري 25 سنة، تعرفت على شاب عن طريق مواقع التواصل في قروب للدعوة الإسلامية، لمدة أربع سنين، ليس بيننا شيء غير الاحترام، وتبادل المنفعة، ثم اعترف بأنه يريد الزواج، وأنا لا أنكر انجذابي إليه، ولكن نظرا لظروف قاهرة في الوقت الحالي، الزواج الآن مشروع مؤجل، نحن- يعلم الله- لا نقول شيئا يغضب ربي، ولكنه أخبرني أنه حتى إن سألني عن أحوالي يصاب بشهوة، وأنه وصل مرحلة أن يغتسل عدة مرات في اليوم بسببي، حتى يستطيع الصلاة، حتى إن لم أتحدث معه.
توقفت عن الاتصال أحيانا، حتى الرسائل تتعبه كثيرا، وأنا لا أخضع بالقول، ولا أقول شيئا أقصد به إثارته، أنا لا أستطيع التركيز، كل ما أفكر فيه هو هذا الشخص.
طلب مني أن نتوقف عن التواصل، ولكن كيف لي أن أعرف بأنه سيكون لي مستقبلا؟ كيف لي أن أتأكد أنه لن يتزوج بأخرى؟
أرجوكم ساعدوني، أنا لا أستطيع النوم، وإن نمت كل أحلامي متعلقة به، وأضطر أن أغتسل في بعض الأحيان، وأحيانا لا، تفكيري مشتت، وفقدت قدرتي على الأكل والعمل. ماذا نفعل؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمحادثة بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه أمر لا يجوز، وهو باب للفتنة والوقوع فيما لا يرضي الله -عز وجل-؛ ولذلك حذر الفقهاء من ذلك، وشددوا في المنع منه، كما سبق بيانه في الفتوى: 21582.
فيجب عليكما قطع هذه المحادثات، وترك التواصل بينكما، إن أردتما العافية والسلامة من الشيطان ومكايده؛ فهو للإنسان بالمرصاد لإيقاعه في الفواحش والمنكرات، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ....الآية {النور:21}.
والزواج من أفضل ما يعين على العفاف، فمهما أمكن المصير إليه، فينبغي أن تفعلا، ولكننا ننبه إلى أن الزواج بناء على مجرد التعارف من خلال مواقع التواصل تكتنفه المخاطر للحاجة إلى معرفة حال الخاطب في دينه وخلقه، فهذا من أهم معايير الاختيار، روى ابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. وجاء في الأثر الذي أورده البغوي في شرح السنة عن الحسن البصري أنه أتاه رجل، فقال: إن لي بنتًا أحبّها، وقد خطبها غير واحد، فمن تشير عليّ أن أزوجها؟ قال: زوِّجها رجلًا يتقي الله، فإنه إن أحبّها، أكرمها، وإن أبغضها، لم يظلمها.
ومعرفة حقيقة الخاطب لا تتأتى إلا من خلال سؤال من يعرفه من الثقات، ممن تعاملوا معه، وعرفوا مدخله ومخرجه، وبعد استشارة الثقات فيه تكون الاستخارة، وراجعي فيها الفتوى: 19333، والفتوى: 123457.
وقد ذكرت أن أمر الزواج مؤجل الآن، فنوصيك بأن تفوضي أمرك إلى الله سبحانه، وتسأليه أن ييسر لك الزواج من رجل صالح؛ سواء كان هذا الرجل أم غيره، وإن لم يتيسر لك الزواج من هذا الرجل خاصة، فلا تأسفي على ذلك، فأنت لا تدرين أين الخير، وقد قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
والله أعلم.