عنوان الفتوى : المواعدة على الزواج، وهل يجب على الطرفين الوفاء؟
تعرفت على فتاة في الجامعة، كان الحديث معها كباقي زميلات الدراسة، لكن سرعان ما دخلت قلبي، وأرسلت لها رسالة أطلب منها أن تقبل وعدي بالزواج بعد ثلاث سنوات، لما رأيت من حسن دينها وعفتها.
كانت تعرض عن رسائلي بطرق شتى، وما زلت أعرض عليها الفكرة، حتى وافقت بعد مدة من الزمن، وعندما عرضت عليها فكرة الزواج أقسمت لها أنني لن ألتقي بها أبدًا إلى حين زواجنا، لدرء الفتنة.
وبعد مدة من تواصلنا أحسست أن ما نفعله من كثرة الكلام لا يرضي الله، وإن كان الهدف هو الزواج، لكني شاهدت فيديوهات تتحدث عن قدر الله وقضائه، فسألت الله إن كان يعلم أن بها خيرًا أن يجعلها من نصيبي، فاتصلت بها، وأردت مصارحتها بالموضوع، وإذا بي أجد نفس الموضوع يراودها، بأن ما بني على باطل، فهو باطل، لهذا قررنا بعد ذلك أن نفترق، وكل واحد منا يقسم، فأقسمنا بمن أحل القسم أننا لن نترك بعضنا، وأننا لن نتحدث في هذه الثلاث سنوات، وأنه مهما جاءها من الخطاب، فإنها لن تقبل، ووعدتني أنها لن تتزوج أحدًا غيري، وأنا كذلك أقسمت لها أنني بعد ثلاث سنوات سأتقدم لها.
السؤال: ما رأيكم في هذا الوعد الذي أعطيناه لبعضنا؟ هل هو جائز شرعًا؟ وهل سييسر الله -عز وجل- لنا الله الزواج إذا أكثرنا من الدعاء والإلحاح، واللجوء إليه، والتوبة على ما فات؟ وهل يمكن أن يغير الله القدر ويجمعنا كزوجين في طاعته وفيما يحب ويرضى؟ علمًا أننا توقفنا عن الحديث بصفة نهائية إلى حين الزواج.
تراودني أفكار أنه قد لا أتمكن من إيجاد عمل خلال الثلاث سنوات، لكني أدعو الله، وأحسن الظن بربي. فهل يمكن أن يوفقني لأجد عملًا، وأعمل خلال هذه الثلاث سنوات ثم نتزوج بعد ذلك؟ فأنا الآن ما زلت أدرس، وأريد أن أجمع بين العمل والدراسة، حتى أجمع بعض لهذا الزواج.
أفيدوني، جزاكم الله خيرًا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنتما بترك المحادثة بينكما؛ فمحادثة الأجنبية محرمة، فلا تجوز إلا عند الحاجة، وبقدر الحاجة، مع مراعاة الضوابط الشرعية، وللمزيد يمكن مطالعة الفتوى: 321541، والفتوى: 21582.
وما كان بينكما من مواعدة على الزواج، لا حرج فيها، والأفضل الوفاء بذلك ما أمكن، هذا مع العلم بأن الوفاء بالوعد مستحب في قول جمهور الفقهاء، وليس بواجب، وهو الراجح، كما بينا في الفتوى: 17057.
والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، فلا يعاقب على ذنب تاب منه، قال ابن تيمية: ونحن حقيقة قولنا إن التائب لا يعذب لا في الدنيا، ولا في الآخرة، لا شرعًا، ولا قدراً. انتهى.
وعلى فرض كون المرء لم يتب، فلا يعني ذلك أن العقوبة لازمة له، فإن كانت بداية الزواج علاقة محرمة، فلا يلزم من ذلك أن يكون هذا الزواج فاشلًا.
وأما كون الدعاء يمكن أن يرد البلاء فنعم، يدل على ذلك ما رواه أحمد والترمذي وابن ماجه أن النبي -صلى الله عليه وسلم قال-: لا يرد القدر إلا الدعاء.
والدعاء من أعظم أسباب الرزق، وكان من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: اللهم إني أسألك علمًا نافعًا، ورزقًا طيبًا، وعملًا، متقبلًا. وهنالك غيره الكثير من أسباب الرزق، سبق ذكرها في الفتوى: 112334.
ولا شك في أنه إن أمكنك التوفيق بين العمل والدراسة، فهو أمر حسن، حتى يتيسر لك الوفاء بوعدك والزواج منها، فإن لم يتيسر ذلك، فننصحك بالتركيز على دراستك لتوفق فيها، ويكون ذلك سببًا لوجود وظيفة تعينك في الحصول على كسب تستعين به في أمر الزواج.
والله أعلم.