عنوان الفتوى : مراعاة مصلحة تصحيح العقود مما يجوّز الفتوى بالقول المرجوح
السؤال
عملت في جمعية خيرية إنسانية، وكنت المسؤول عن كافة الأمور في الجمعية، وكنت أحاول دائمًا جلب أفضل الأسعار مع شريكي، لكي تستفيد المنظمة والناس، ولأحقق ربحًا مع شريكي، مع العلم أنني أستلم راتبًا من الجمعية، وكنت أستشير شيوخًا قبل الإقدام على هذه الأمور، أو عند إتمام الأمر، وآخذ الإذن الشرعي منهم بأن الأموال لا إشكال فيها، لكني لا زلت قلقا من المكاسب التي حققتها، وأريد أن أبرئ ذمتي أمام الله، ولا نعرف متى يواجهنا الموت، فأفيدوني -جزاكم الله جنه الفردوس-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يوفقك، وأن يزيدك حرصًا على الخير.
فالذي فهمناه مما ذكرت هو أنك تعتبر وكيلًا عن الجمعية، وأنت في نفس الوقت شريك في الشركة.
وعليه؛ فكان ينبغي لك ألا تتولى شراء شيء من شركتك، فجماهير العلماء على أنه لا يجوز للوكيل الشراء من نفسه دون إذن الموكل، كما سبق بيانه في الفتوى: 378469.
لكن ما دامت قد اشتريت، وانتهى الأمر: فإن كنت لم تُحابِ شركتك في الشراء، فنرى أن لا تفعل ذلك في المستقبل، وأن تترك ما مضى على ما كان؛ بناء على قول من يجيز شراء الوكيل من نفسه، إذا لم يُحابِ نفسه -ولو دون إذن الموكل-، وهو قول عند المالكية، وقد أفتينا من قبل بمثل هذا في الفتوى: 383515.
ومراعاة مصلحة تصحيح العقود واستقرارها مما يجوّز الفتوى بالقول المرجوح، قال الطاهر ابن عاشور: وقد يقع الإغضاء عن خلل يسير ترجيحًا لمصلحةِ تقريرِ العقود، كالبيوع الفاسدة إذا طرأ عليها بعض المفوّتات المقرّرة في الفقه. وقد كان الأستاذ أبو سعيد بن لب مفتي حضرة غرناطة في القرن الثامن يفتي بتقرير المعاملات التي جرى فيها عرف الناس على وجه غير صحيح في مذهب مالك، إذا كان لها وجه -ولو ضعيفًا- من أقوال العلماء.اهـ. من مقاصد الشريعة الإسلامية.
والله أعلم.