عنوان الفتوى : مذاهب الفقهاء فيما إذا تمالأ جماعة على قتل إنسان فقتله واحد منهم
السؤال
بعد التحية: أود أن تبينوا لي مسألة قتل الجماعة بالواحد.
قبل أسبوعين قُتل أبي في بيته مظلوما، وكانت قتلة أبي جماعة اتفقوا وتعاونوا أن يقتلوه.
وسؤالي هو: إذا مات أبي برصاصة أحدهم، وكان كل واحد منهم يريد قتله. هل يعد هذا قتل الجماعة بالواحد الذي حكم عمر على سبعة من أهل صنعاء الذين تمالؤوا على قتل الواحد؟
وهل يشترط أن يكون كل واحد قتله مباشرة؟ أو يكفي أنه كان ينوي قتله، وشارك في العدوان؟
وهل وجب عليهم القصاص ما دام هدف كل واحد منهم قتل أبي؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية ننبه على أن مسائل الحدود والقصاص يرجع فيها إلى المحاكم الشرعية، ولا يستبد المرء فيها برأيه، ولا يقيمها بنفسه.
وأما من حيث الإجمال، فجمهور الفقهاء على أن الجماعة يقتلون بالواحد من حيث الجملة، وراجع في ذلك الفتوى: 323791.
وأما مسألة مباشرة واحد من هؤلاء الجماعة للقتل، وإعانة غيره له على ذلك دون مباشرة للقتل، فإذا كانوا متمالئين جميعا على قصد القتل، ولكن لم يتول مباشرة القتل إلا واحد منهم، بحيث لو استعان بهم أعان، وإن لم يقتل هو قتلوا هم - فهذا محل خلاف بين أهل العلم. والجمهور على أن القصاص يكون من المباشر للقتل وحده دون من مالأه، خلافا للمالكية، فذهبوا إلى القصاص من المتمالئين جميعا.
جاء في الموسوعة الفقهية: إذا تمالأ جماعة على قتل إنسان فباشر بعضهم الفعل المفضي للقتل، ولم يباشره الآخرون لكنهم اتفقوا على ارتكابه مسبقا وحضروا ردءا للقتلة، فقد اختلف الفقهاء فيه:
فذهب الجمهور (الحنفية والشافعية والحنابلة) إلى عدم وجوب القصاص على من لم يباشر الفعل المفضي للقتل؛ لأنهم اشترطوا في القصاص من الجماعة المباشرة من الكل، واشترط الحنفية فضلا عن المباشرة أن يكون جرح كل واحد جرحا ساريا. ولم يشترط الشافعية في الأصح والحنابلة هذا الشرط وقالوا: يقتل الجمع بواحد وإن تفاضلت جراحاتهم في العدد والفحش، وعلى ذلك فلا قصاص على الردء عند الجمهور.
وقال المالكية: يقتل المتمالئون على القتل أو الضرب بأن قصد الجميع القتل أو الضرب وحضروا وإن لم يتوله إلا واحد منهم، بشرط أن يكونوا بحيث لو استعين بهم أعانوا، وإن لم يضرب غيرهم ضربوا.
وعلى ذلك فيقتص من الردء المتمالئين على القتل (أي المتفقين مسبقا على القتل) وإن لم يباشره إلا واحد منهم إذا كانوا بحيث لو استعين بهم أعانوا. اهـ.
وانظر للفائدة الفتوى: 417643.
والله أعلم.