عنوان الفتوى : الاتّجار بالوديعة والمستحق للربح
السؤال
بعت دولارات لمكتب صرافة، أي تحوّل رصيدي من دولار لعملة سورية، وتركت المبلغ لديه، فهل يجوز له أن يستثمر هذا المبلغ، ويربح منه دون إذني؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال؛ أنّك بعت الدولارات بالعملة السورية، ثمّ أودعتها عند الصرّاف، وتسأل عن حكم استثمار الصرّاف مالك المودع عنده دون إذنك.
فإن كان الحال هكذا؛ فليس للصرّاف أن يتصرّف في مالك ويتجر فيه بغير إذنك، وإذا فعل ذلك، فهو ضامن للمال.
وأمّا الربح الحاصل من استثماره، فقد اختلف أهل العلم في مستحقّه، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: الاتجار بالوديعة مكروه في قول بعض المالكية؛ باعتباره تجاوزًا للحق لم يأذن به ربها، سواء أكانت الوديعة من النقود والمثليات، أو من العروض والقيميات. ورجح بعض فقهائهم حرمته في المالين. وفصل البعض الآخر فقال بحرمته في العروض وكراهته في النقود.
ولا خلاف بين الفقهاء في أن الاتجار بالوديعة بدون إذن صاحبها تعدٍّ، يستوجب على الوديع الضمان، وإن كان بينهم خلاف فيمن يستحق الربح الناتج عن اتجار الوديع، وذلك على خمسة أقوال:
الأول: أن الربح لصاحب الوديعة؛ لأنه نماء ملكه، ... وهو مروي عن ابن عمر، ونافع مولاه، وأبي قلابة، وبه قال إسحاق، وأحمد في رواية عنه.
الثاني: أنه لبيت المال، وهو مروي عن عطاء، وبه قال أحمد في رواية عنه.
الثالث: أنه يجب التصدق به. وهو قول أبي حنيفة، ومحمد بن الحسن، والشعبي، وأحمد في رواية عنه...
الرابع: أن الربح للوديع؛ إذ هو ثمرة عمله وجهده، وإنما يستحقه بضمانه... وهو مروي عن القاضي شريح، والحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، والشعبي، ويحيى الأنصاري، وربيعة، وبه قال مالك، والثوري، والليث، وأبو يوسف، وأحمد في رواية عنه. ...
الخامس: أن الربح يكون بين الوديع والمودع على قدر النفعين، بحسب معرفة أهل الخبرة، فيقتسمانه بينهما كالمضاربة، وهو رواية عن الإمام أحمد، قال ابن تيمية: وهو أصحها، وبه حكم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-... انتهى باختصار.
والله أعلم.