عنوان الفتوى : الطلاق مع النية خوفًا من الحبس في المنزل وخوفًا من الإجهاض
السؤال
تشاجرت مع زوجتي، وقلت لها: "اذهبي إلى بيت أهلك" بغير نية الطلاق، ولكنها لم تتوقف عن الصراخ، وأغلقت عني الباب، وقالت لي: "لن أخرج حتى تطلقني"، وكانت حاملًا، فخفت إن شاجرتها على نزع المفتاح أن يسقط الجنين، وأنا أعلم صدق دعواها بأنها ستحبسني، ولن تتركني أخرج لمدة قد تصل لعدة أيام، فقلت لها: "عندما تذهبين انتهى"، ونويت الطلاق، ثم قالت لي: قل لي لفظًا صريحًا، فقلت لها: "أنت طالق" مع النية، وخرجت بسرعة من المنزل، وعندما عدت، بدأت تعتذر، فهل هذا يعدّ إكراهًا على الطلاق؟
ثانيا: أنا مصاب بالقلق، والغدة الدرقية، وغالب عليّ التعب النفسي، وعندما أغضب، تسيطر عليّ فكرة الطلاق مثل صوت داخلي يكرر الكلام: طلّقها طلّقها طلّقها ... والأصوات الداخلية هذه تتعبني في شتى الحياة، فأنا أسمع دائمًا صوتًا مكررًا، خصوصًا عندما أغضب.
جربت عدة طرق إلا أن هناك طريقة واحدة نجحت معي، وهي: قراءة سورة البقرة كل يوم، فأرجو من حضرتكم إرشادنا إن كان هذا طلاق مكره، وما هو علاج الوساوس؟ بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فطلاق المكره غير نافذ، لكنّ الإكراه المعتبر له شروط، سبق تفصيلها في الفتوى: 156715، والفتوى: 204502.
وكونك كنت عالمًا بأنّ زوجتك ستحبسك أيامًا، وخشيت أن تسقط الجنين إذا أردت نزع المفتاح منها؛ لا يكفي للجزم بكونك أكرهت على الطلاق؛ فتقدير هذه المسائل يختلف باختلاف الأحوال، والأشخاص، وقد جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية عند الكلام على شروط الإكراه: ثم الذي يوجب غمًّا يعدم الرضا، يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال: فليس الأشراف كالأراذل، ولا الضعاف كالأقوياء، ولا تفويت المال اليسير كتفويت المال الكثير، والنظر في ذلك مفوّض إلى الحاكم، يقدّر لكل واقعة قدرها. انتهى.
وإذا كانت الحال المذكورة حال إكراه؛ فإنّ نية الطلاق عند التلفظ به في تلك الحال؛ تجعله واقعًا عند بعض أهل العلم، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وإن خلصت نيته في الطلاق دون دفع الإكراه، وقع؛ لأنه قصده واختاره، ويحتمل أن لا يقع؛ لأن اللفظ مرفوع عنه، فلا يبقى إلا مجرد النية، فلا يقع بها طلاق. انتهى.
وعليه؛ فالذي ننصحك به أن تعرض هذه المسألة على المحكمة الشرعية، أو على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوق بعلمهم ودينهم.
وبخصوص الوسوسة؛ ننصحك بالإعراض عنها بالكلية، وعدم الالتفات إليها، مع التوكل على الله تعالى.
وللفائدة في ما يعينك على التخلص من الوساوس، راجع الفتاوى: 39653، 103404، 97944، 3086، 51601.
والله أعلم.