عنوان الفتوى : ترك المرأة الزواج لشدة غيرتها وعدم رغبتها في الأمومة
السؤال
أنا فتاة عمري 25 سنة، وأنا شديدة الغيرة للأسف، سؤالي هو: هل لي العزوف عن الزواج خشية أن يكون لي ضرة في المستقبل؟ علمًا أني لا أحب الأطفال كثيرًا، وليس لي رغبة ملحة في الأمومة. جزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أولًا أن الزواج تنطبق عليه الأحكام الخمسة، فقد يكون واجبًا، كما هو الحال فيمن يخشى على نفسه الوقوع في الزنا، وسبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتوى: 3011.
فلا ينبغي لك الإعراض عن الزواج، وخاصة مع انتشار الفتن، ودواعي الشهوة والمغريات.
وفي الزواج كثير من مصالح الدنيا والآخرة، ففي تفويتها من الخسران ما فيه، قال النفراوي المالكي في الفواكه الدواني: له فوائد، أعظمها: دفع غوائل الشهوة، ويليها أنه سبب لحياتين: فانية، وهي: تكثير النسل، وباقية، هي: الحرص على الدار الآخرة؛ لأنه ينبه على لذة الآخرة، لأنه إذا ذاق لذته، يسرع إلى فعل الخير الموصل إلى اللذة الأخروية، التي هي أعظم، ولا سيما النظر إلى وجهه الكريم، ويليها تنفيذ ما أراده الله تعالى وأحبه، من بقاء النوع الإنساني إلى يوم القيامة، وامتثال أمر رسوله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "تناكحوا تناسلوا" الحديث، ويليها بقاء الذكر، ورفع الدرجات بسبب دعاء الولد الصالح بعد انقطاع عمل أبيه بموته. اهـ.
وقال البهوتي الحنبلي في الروض المربع: وفعله مع الشهوة أفضل من نوافل العبادة؛ لاشتماله على مصالح كثيرة، كتحصين فرجه وفرج زوجته، والقيام بها، وتحصيل النسل، وتكثير الأمة، وتحقيق مباهاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وغير ذلك. اهـ.
فلا تفوتي على نفسك كل هذه المصالح لكونك شديدة الغيرة، تخافين أن يتزوج عليك زوجك مستقبلاً، فقد لا يتزوج عليك أصلاً، بل ويرى بعض أهل العلم أن من حق المرأة أن تشترط على زوجها قبل الزواج أن لا يتزوج عليها، وأنه يجب عليه الوفاء لها بذلك، كما بيناه في الفتوى: 1357.
هذا بالإضافة إلى أن الغيرة قد يذهبها الله عنك، فاسأليه ذلك، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأم سلمة -رضي الله عنها-: وأما الغيرة، فأرجو الله أن يذهبها. وقد روى حديثها أبو يعلى في مسنده، وصححه الألباني.
وكل من عدم الرغبة في الأمومة، وعدم حب الأطفال، لا يبرر ترك هذه السنة، وتفويت كل تلك المصالح، وما أوضحنا من المصالح السابقة واستحضارها، مما يعين في هذا الجانب، فنحسب أن الأمر سهل، فدعي عنك تهويله أو جعله همًا وهاجسًا. يسر الله أمرك، ووفقك لكل خير.
والله أعلم.