عنوان الفتوى :
كنت أتحدث إلى زوجتي في الهاتف، فأغلقت الهاتف في وجهي، فاتصلت بها، وحلفت عليها بالطلاق بالثلاث لو أغلقت ثانية وأنا أكلمها، ونويت ذلك اليوم فقط، وبعد نصف ساعة من الكلام علق هاتفها، فضغطت عليه، فأغلق المكالمة، وهي تقسم أنه دون قصد، فهل تصبح طالقًا؟ وهل أعده يمينًا؟ وإذا أغلقت في أي وقت فهل يسري اليمين؟ وهل أحتاج إلى كفارة يمين؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأكثر أهل العلم على أنّ الحلف بالطلاق، وتعليقه على شرط -سواء أريد به الطلاق، أم التهديد، أم المنع، أم الحث، أم التأكيد- يقع الطلاق بالحنث فيه، وأنّ الطلاق بلفظ الثلاث يقع ثلاثًا، وهذا هو المفتى به عندنا، لكن بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق، وإنما يراد به التهديد، أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث، لزم الحالف كفارة يمين، ولا يقع به طلاق، وعند قصد الطلاق يرى أنّ الطلاق بلفظ الثلاث، يقع واحدة، وانظر الفتوى: 11592.
وما دامت زوجتك لم تغلق الهاتف، ولكنه أغلق رغمًا عنها؛ فلم تحنث في يمينك، ولم يقع عليها طلاق، ولا تلزمك كفارة.
وما دامت يمينك على هذا اليوم فقط، فلا تحنث إذا أغلقت زوجتك الهاتف أثناء مكالمتك في يوم آخر؛ لأنّ النية في اليمين تخصص العام، وتقيد المطلق، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وجملة ذلك: أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله، انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقًا لظاهر اللفظ، أو مخالفًا له... والمخالف يتنوع أنواعًا: أحدها: أن ينوي بالعام الخاص... ومنها: أن يحلف على فعل شيء أو تركه مطلقًا، وينوي فعله، أو تركه في وقت بعينه.
وننبهك إلى أن الحلف المشروع هو الحلف بالله تعالى، وأما الحلف بالطلاق، فهو من أيمان الفساق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه، ولا سيما إذا كان بلفظ الثلاث، فينبغي الحذر من الوقوع فيه.
والله أعلم.