عنوان الفتوى : الاستخارة بدون سبب معيّن
هل تجوز صلاة الاستخارة بلا سبب محدد؟ أنا في بداية حياتي، وأشعر بالضياع، وأطلب من الله الهداية في الحياة بشكل عام أن يهديني إلى الطريق الصحيح؛ سواء أكان في الحياة العملية، أو الاجتماعية. وإذا كان يجوز، فما هي صيغة الدعاء؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الاستخارة تشرع عند الإقدام على أمر معين من فعل, أو ترْك؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: إذا هم أحدكم بالأمر... إلى آخر حديث الاستخارة الوارد في صحيح البخاري وغيره.
قال العيني في عمدة القاري: إذا همّ أحدكم بالأمر أي: إذا قصد الإتيان بفعل أو ترك. انتهى
وقال القسطلاني في إرشاد الساري: (إذا هم أحدكم بالأمر) أي قصد أمرًا مما لا يعلم وجه الصواب فيه، أما ما هو معروف خيره: كالعبادات وصنائع المعروف، فلا. نعم، قد يفعل ذلك لأجل وقتها لمخصوص، كالحج في هذه السنة لاحتمال عدو أو فتنة أو نحوهما. انتهى
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: فإن قال: الأمر في هذا تعلق بالشرط وهو قوله: "إذا هم أحدكم بالأمر". قلنا: إنما يؤمر به عند إرادة ذلك لا مطلقا، كما قال: في التشهد "إذا صلى أحدكم فليقل التحيات". انتهى
وبناء على ما سبق؛ فإن الاستخارة بمعناها الشرعي لا تتصور بدون سبب معيّن؛ كالإقدام على أمر معين, أو تركه.
وصيغة الدعاء في الاستخارة جاء في الفتوى: 135021.
وعلاجُ ما تشكوه من ضياع يكون بتقوى الله تعالى، والتوجه إليه، وامتثال أوامره, واجتناب نواهيه، والإكثار من دعاء الله تعالى أن يهديك إلى الاستقامة والصواب.
ومن الأدعية المأثورة في ذلك حديث ابن عباس، قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم-، يقول: «رب أعني ولا تعن علي، وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي، ولا تمكر علي، واهدني ويسر الهدى لي، وانصرني على من بغى علي. انتهى صححه الشيخ الألباني في صحيح ابن حبّان.
وحديث شداد بن أوس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: إذا اكتنز الناس الدنانير والدراهم فاكتنزوا هؤلاء الكلمات: اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم، إنك أنت علام الغيوب. انتهى. وهو حديث صحيح لغيره؛ كما في التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان.
وراجع المزيد من هذه الأدعية المأثورة في الفتوى: 103482.
وننصحك بالبحث عن الصحبة الصالحة التي تدلك على الخير, وتعينك عليه, وأن تشغل نفسك بما يفيدك في دينك ودنياك.
نسأل أن يشرح أن صدرك, وأن يرزقك الاستقامة على طريق الحق, وأن يوفقك لكل خير. وراجع المزيد في الفتوى: 136724.
ولا بأس لو صليت صلاة الحاجة، وقد سبق أن بينا حكمها في الفتوى: 1390. فراجعها وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.