عنوان الفتوى : حكم الشراء من صيدليات تتحايل على القانون لإصدار تراخيص
نقابة الصيادلة تشن حربًا ضروسًا ضد سلاسل الصيدليات الكبيرة في بلدي، على أساس أن هذه السلاسل مخالفة للقانون الذي لا يسمح للصيدلي بامتلاك أكثر من صيدليتين كحد أقصى، وأنها تتحايل على القانون من خلال استغلال أسماء صيادلة آخرين، للحصول على التراخيص. وأن هذه السلاسل تضر بالصيدليات الصغيرة، التي لا تستطيع منافسة هذه السلاسل الكبيرة، التي تسيطر على جزء كبير من الأسواق. لذا تحاول نقابة الصيادلة جاهدة القضاء على ظاهرة سلاسل الصيدليات الكبيرة، على أساس أنها مخالفة للقانون، وأنها تضر بأصحاب الصيدليات الصغيرة وتزاحمهم. وعلى الجانب الآخر، نجد من يدافع عن سلاسل الصيدليات الكبيرة، باعتبار أنها تقدم خدمة جيدة للمواطنين، وأنها توفر فرص عمل جيدة لعدد كبير من صغار الصيادلة، وأصحاب التخصصات الأخرى، وأنها تصب في مصلحة شركات الأدوية، وأنه لا يوجد ما يمنع من وجود السلاسل الكبيرة، والصيدليات الصغيرة، جنبًا إلى جنب في الأسواق، وأن أصحاب الصيدليات الصغيرة عليهم الاجتهاد لتطوير خدمتهم من أجل المنافسة. ما يعنيني كمستهلك هو: حكم شراء الأدوية من سلاسل الصيدليات الكبيرة؟! فهي بالنسبة لي كمستهلك، تقدم ليَّ خدمة جيدة، وتوفر ليَّ الأدوية التي قد لا أجدها في الصيدليات الصغيرة. أنا أعلم أن لولي الأمر تقييد المباح من أجل المصلحة العامة، ولكن هل المصلحة العامة متحققة هنا؟! فهذه السلاسل الكبيرة قد تخدم فئات من المجتمع، وقد تضر بفئات أخرى (مثل أصحاب الصيدليات الصغيرة). وإذا نظرنا إلى نسبة الضرر مقابل النفع، لن نستطيع إعطاء إجابة قاطعة، فكل طرف ينتصر لرأيه وفق مصالحه الذاتية. باختصار: على ضوء ما سبق، ما حكم شرائي، أنا كمستهلك، للأدوية من سلاسل الصيدليات الكبيرة، حيث إن القانون لا يسمح للصيدلي بامتلاك أكثر من صيدليتين كحد أقصى؟! وهل العبرة هنا برأي نقابة الصيادلة، باعتبارها المظلة التي تحكم عمل الصيادلة، أم مصلحتي كمستهلك؟!
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسألة هل لولي الأمر المنع من تلك الصيدليات الكبيرة، رغم المنافع فيها، وقلة المفاسد المترتبة على وجودها؛ كما ذكرت.
هذا داخل تحت مسألة تقييد المباح، وما تجب طاعة ولي الأمر فيه ظاهرا وباطنا، وما تجب طاعته فيه ظاهرا فقط، وقد بينا ذلك في الفتويين: 137746/ 125687
والذي يقدر المصالح والمفاسد أهل الخبرة والاختصاص، لا آحاد الناس. وعلى هذا، فلو كان الواقع ما ذكرت من كون المنع إنما هو تحكم لصالح فئة خاصة، ولا تترتب على مخالفته مفاسد عامة ظاهرة، فلا حرج على المرء حينئذ في شراء الأدوية من تلك الصيدليات الكبيرة، إذا كان ذلك لا يعرضه لعقوبة ومساءلة؛ لقول الرسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه. قالوا: وكيف يذل نفسه؟ قال: يتعرض من البلاء لما لا يطيق. رواه الترمذي وحسنه، وابن ماجه وأحمد. وصححه الألباني. وانظر الفتوى رقم: 354334
والأولى طرح السؤال على علماء البلد الذي أنت فيه، فربما يكون لهم من الاطلاع على الواقع وما تسأل عنه، أكثر من غيرهم.
والله أعلم.