عنوان الفتوى : جهة العمل تدفع له نفقات تعليم أبنائه بالدولار فيصرفها بالدينار ويستفيد من الفارق
جزاكم الله خيرًا على كل ما تقدمونه من نصح، ومن علم شرعي للمسلمين. أعمل موظفًا في إحدى المنظمات الدولية، وتتكفل هذه المنظمة بسداد 75% من تكاليف دراسة أبنائي في البلد الذي أعمل فيه، وتتم عملية السداد بالصورة التالية: تحدد المدرسة التكاليف التي يتوجب عليّ دفعها في بداية العام الدراسي، لنفترض أنها 10.000 دولار أمريكي، وتسلمني فاتورة بالمبلغ -المبلغ في الفاتورة محدد بالدولار الأمريكي-، فأقوم بدفع كامل المصاريف بالعملة المحلية (الدينار)؛ لأن المدرسة تقبل ذلك كما تقبل أيضًا الدفع بالدولار الأمريكي ، ومن ثَم؛ أُسَلم جهة عملي -المنظمة الدولية- الفاتورة، فتقوم بعد عدة أشهر بإعطائي 75% من المبلغ المحدد بعملة الدولار الأمريكي، علمًا أن الدينار يساوي عند صرفه في البنوك المحلية دولارًا أمريكيًّا؛ بُغْيَةَ الربح، فأقوم بدفع مصاريف المدرسة بالعملة المحلية بدلًا من الدولار؛ لأن سعر صرف الدولار في السوق السوداء أغلى من سعر صرفه في البنوك، وهذا يسمح لي بهامش من الربح عند استلام الأموال بالدولار الأمريكي من المنظمة بعد عدة أشهر، فأقوم ببيع ال10.000 دولار أمريكي بـ 14.000 دينار في السوق السوداء بدلًا من 10.000 دينار في البنوك المحلية، فأربح 4.000 دينار، وأشير هنا أن المنظمة على علم بأنني مخير في الدفع بإحدى العملتين، لكنها ليست على علم بعملية بيعي للدولار الأمريكي في السوق السوداء، فهذا التصرف يعتبر مخالفًا للقانون المحلي، ويعرضني لعقوبات صارمة، فهل ربحي هذا مشروع؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالذي نراه للسائل أن يتجنب هذا العمل لعدة أسباب، منها:
- أن الذي يظهر لنا من السؤال أن هذه المنظمة لا تملك السائل هذا المبلغ تمليكًا مطلقًا دون قيد، وإنما هو في مقابل النسبة المتفق عليها (75%) من مصروفات التعليم الحقيقية؛ بناء على السعر الرسمي للصرف، ومن ثم؛ فقد يلزم السائل أن يرد إليها الزائد -إن وجد-.
- ومنها: أن هذا التصرف يعتبر مخالفًا للقانون المحلي، ويعرض صاحبه لعقوبات صارمة، على حد تعبير السائل.
وتعريض النفس لمثل هذه العقوبة والهوان، من الإضرار بالنفس الذي يُنهَى عنه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه. قالوا: وكيف يذل نفسه؟ قال: يتعرض من البلاء لما لا يطيق. رواه الترمذي، وحسنه، وابن ماجه، وأحمد. وصححه الألباني. وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه أحمد، وابن ماجه، وصححه الألباني.
- ومنها: أن حظر القانون لهذا التصرف قد يكون درءًا لمفسدة، أو مراعاة لمصلحة عامة؛ وفي هذه الحال؛ يلزم التقيد به؛ لأن تصرف الإمام (السلطان) على الرعية منوط بالمصلحة، وراجع في ذلك الفتويين: 125687، 166335.
والله أعلم.