عنوان الفتوى : مدى وجوب طاعة ولي الأمر في تقييد المباح
ما حكم الشرع في الكسب من تجارة أصنافها حلال، ولكن من أجل التقنين منعتها الدولة؟ وبالتفصيل: سلمت لنا الدولة رخصا مؤقتة لهاتف عبر الإنترنت وقمنا باستثمار كبير لكن الدولة عدلت القانون ووضعت شروطا مادية تعجيزية، ونحن استمررنا بالعمل سراً بنية استرجاع أموالنا والديون المترتبة وعندها نتوقف، فما هو حكم الشرع؟ علما بأن الدولة لم ترد السماع إلينا ولا إلى معرفة الآثار المترتبة من خسائر وديون وتسريح عمال. جزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان تدخل الدولة وإضافتها للشروط في أثناء المدة المتفق عليها بينكم وبينها فليس من حقها ذلك، لما فيه من إخلال بالعقد ونقض للشرط، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود.
ولكم أن تعملوا ما استطعتم سراً حتى تستكملوا المدة المتفق عليها بشرط أن لا تخشوا في ذلك ضرراً أو فساداً، وأما إن كان تدخلها بعد انقضاء المدة المتفق عليها بينكم وبينها، فمن حقها ذلك ويلزمكم الانقياد لما وضعت من شروط ما لم يكن فيه إجحاف بين وإضرار ظاهر وظلم باد، دون أن يقابل ذلك مصلحة معتبرة من وراء تقنين الدولة لذلك، فإن كان فلكم دفع ذلك الظلم بما استطعتم من حيل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه أحمد.
وقد قيل إن طاعة ولي الأمر في تقييد المباح إنما تجب إذا تعينت فيه المصلحة أو غلبت، عملاً بالقاعدة الفقهية التي تقول: تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة. انتهى من المنثور في القواعد للزركشي، والأشباه والنظائر للسيوطي.
وهنا غلبت المفسدة إن كانت هنالك مصلحة أصلاً في ذلك الفعل، كما أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح كما هو مقرر في القواعد الفقهية.
والله أعلم.