عنوان الفتوى : حلول لإصلاح مشكلة زوجية
أنا متزوجه من ١١ شهرا، قبل شهر ونصف من الآن حصل شجار بيني وبين زوجي على سبب تافه وطلقني، وفي الليل أرجعني بشاهدين من أهلي، ولكن لم أعد معه إلى المنزل إلى الآن. مع العلم أنه كان دائما يتلفظ علي لفظ (علي الطلاق) كثيرا، و(علي الحرام) وكان يسبني في أخلاقي كثيرا، يقذفني بكلمات لا تقال لزوجة (يا فاجرة ، تستحقين اللعنة ، ربي بريء منك) مع أنني والله شريفة، وأخذني بكراً ، ولكن ألفاظه هذه كان يقولها لي على أتفه خلاف ويسبني ، حتى أنه حرم علي أخذ الهدايا وأنا عروس، قال تحرمين علي إذا أخذت ريالا واحدا من أحد، وأنا أخجل أحيانا أن أرد أحدا، وأظل أقول لهم: لا زوجي مطلق. كان كثير الشك، منعني من جميع وسائل التواصل، ولم أقل شيئا وامتنعت عنها بحكم أنها إضافه وليست شيئا رئيسا في الحياة، أو أنني أخسر زوجي بسببها، ولكن كل هذا لم ينفع. لم أستطع تغييره ، كان يقول هذا طبعي، تريدينني هكذا أو اذهبي بيت أهلك، لم أشعر بالراحه معه برغم أنني حاولت أن أبعد الشك عنه بكثرة بقائي معه، ومنعه من الخروج من المنزل، بزعم أنني لا أستطيع الاستغناء عنه، ولكن ذلك لم يجد نفعا. كان يتجسس علي حتى أنه قبل زواجي منه في وقت الملكة جاء لزيارتي في منزل أهلي، واستغفلني وأخذ جوالي، وأصبح يراقبني على الواتس آب. وبعد زواجي منه أيضا أصبح دائما يعبث بهاتفي، ويحمل لي برامج تجسس صوت وصورة، ولم أخبره أنني أعلم بذلك، قلت يمكن يريد أن يثق بي أكثر. ولكن بعد زواجي بأشهر عندما أخبرته أنني أعلم، كذبني وأصبح يحلف لي أنه ليس هو، وأنه هناك أحد قد أخذ هاتفي، وأضاف البرنامج، وأنا لا أحد يأخذ هاتفي أبدا إلا هو، وتصالحنا وتناسيت الموضوع لكي أعيش وأستقر، ولكن أيضا لم يجعل الراحة تدخل إلى قلبي. كان يأخذ هاتفي وإن رأى مقطع رجل أو صورة أتت إلي من الواتس وحفظت تلقائيا بالصور، وأنا -والله- أنسى، ولا أدخل كثيرا أو أحرص على ذلك؛ لأني كنت واثقة في نفسي، وأنني لا أعمل شيئا خطأ. ولكنه يبدأ بالصراخ ما هذا الرجل؟ ولماذا أنت محتفظة بصورته و و و .. ويبدأ بالتجريح والشتم. لما أخبرت أبي عن ألفاظه لي لم يتقبل ذلك وناقشه في الموضوع، ولكن أعتبر أنني المتسببة، وأنا من يثيره، ويجعله يتلفظ. مع العلم أنه بيئته هكذا؛ الكلام البذيء كقول السلام عليكم. اللهم عافنا. وحصل شجار بينه وبين أبي مما جعل أبي يرفع صوته، ويتلفظ لا شعوريا بلعنه. وهو الآن يريد أن يرفع قضية على والدي بحكم أنه سبه، وشوه سمعته. هل يحق لي أيضا أن أرفع قضية عليه بحكم قذفه لي؟ مع العلم أن لدي إثباتا على كلامه برسالة واتس آب؛ لأن ما قاله له أبي ليس بكثير مما قاله في شرفي وأخلاقي. وأنا الآن أريد الانفصال منه لأنني لم أعد أحتمل الشك والسب. أفدني. جزاك الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يصلح أمركم، وأن يجمع شملكم على خير. ونوصيك بالكثرة الدعاء، فالله عز وجل لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو قادر على أن يصلح زوجك، فتوجهي إليه وارفعي إليه أكف الضراعة، فهو من أمر بالدعاء ووعد بالإجابة فقال: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}، وفي الفتوى رقم: 119608. بيان آداب الدعاء وشروطه وأسباب إجابته.
وما ذكرته عن زوجك - إن صح - فهو دليل على لؤم وسوء خلق، وهذه التصرفات منه تتنافى تماما مع التوجيه الرباني للأزواج بأن يحسنوا معاشرة أزواجهم، كما في قوله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}، قال السعدي: على الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف، من الصحبة الجميلة، وكف الأذى وبذل الإحسان، وحسن المعاملة. اهـ.
وللأزواج أسوة حسنة في معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه، وقد ذكرنا طرفا من ذلك في الفتوى رقم: 134877.
ومن أخطر ما ذكرت عنه اتهامه لك في عرضك، وما ترتب على ذلك من تجسسه عليك، والأصل حسن الظن بالزوجة، وحمل أمرها على أحسن محمل حتى يتبين منها خلاف ذلك، وأما إساءة الظن بها من غير بينة فجرم عظيم، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا..... {الحجرات:12}.
ومن حقك مقاضاته في ذلك، كما أن من حقه مقاضاة أبيك إن ثبت أنه أساء إليه، ولكن من أدب الشرع أن يكون بين الأصهار المودة والاحترام وحسن العشرة، فالمصاهرة مما امتن الله عز وجل بها على عباده فقال: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا {الفرقان:54}، فننصح بأن يتدخل العقلاء، ويسعوا في الإصلاح، وإرجاع الأمور إلى نصابها؛ ليقوم كل طرف بما عليه من حقوق، ويؤدي ما عليه من واجبات، فبذلك تستقر الأسرة ويزول الإشكال. فإن تم ذلك فالحمد لله، وإلا فكما قال رب العزة والجلال سبحانه: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ {البقرة:229}.
والله أعلم.