عنوان الفتوى : الابتلاء بزوجة سيئة هل يدل على غضب الله على الزوج؟
هل ابتلاء الرجل بزوجة تعصيه، وتفتري عليه الكذب، وتفشي أسرار بيته، وتشوه سمعته بالأكاذيب لتفتري عليه. وتحاول أذيته، علامة على غضب الله عليه؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزم من البلاء الذي يصيب المرء بسبب زوجته، أو ماله، أو ولده، أو غير ذلك، أن يكون عقوبة على ذنب ارتكبه، فقد ابتلي نبينا صلى الله عليه وسلم بلاء شديدا، بل وربما ضوعف له في البلاء، وهو قد غفر له ما تقدم منه وما تأخر.
روى ابن أبي شيبة والطيالسي عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك، فمسسته، فقلت: يا رسول الله؛ إنك توعك وعكا شديدا، قال: « أجل، إني لأوعك كما يوعك الرجلان منكم» قال: قلت: لأن لك أجرين؟ قال: « نعم، والذي نفسي بيده، ما على الأرض مسلم يصيبه أذى: مرض فما سواه، إلا حط الله به عنه من خطاياه، كما تحط الشجرة ورقها».
هذا مع العلم بأنه قد يكون ذلك بسبب ذنب جنته يداه، قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى:30}، وجاء في الأثر عن الفضيل بن عياض أنه قال: إني لأعصي الله، فأرى ذلك في خلق دابتي، وامرأتي.
ومثل هذه المرأة ناشز، مفرطة في حق زوجها، وعاصية لربها تبارك وتعالى، وسبيل علاج هذا النشوز بيناه في الفتوى: 1103.
فإن صلح حالها، فبها ونعمت. وإلا فزوجها في سعة عن أن يضيق على نفسها، ويعذبها ببقاء مثلها في عصمته، أخرج الحاكم في مستدركه وصححه، وصححه الألباني -أيضًا- عن أبي موسى الأشعري قال: قال صلى الله عليه وسلم: ثلاثة يدعون الله، فلا يستجاب لهم: رجل كانت له امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل كان له على رجلٍ مال، فلم يشهد عليه، ورجل أعطى سفيهاً ماله.
قال العلامة المناوي في فيض القدير: ثلاثة يدعون الله فلا يستجاب لهم: "رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق" (بالضم) "فلم يطلقها"، فإذا دعا عليها لا يستجيب له؛ لأنه المعذب نفسه بمعاشرتها، وهو في سعة من فراقها. اهـ.
والله أعلم.