عنوان الفتوى : من أسخط أمه يخشى عليه من غضب الله

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

غضبت علي أمي و قالت إنها ما دامت على قيد الحياة لا تريد أن تعتبرني ابنة لها، وأعلم أن رضا الله من رضا الوالدين، و لكن إذا كان مصالحتها أمرا غير ممكن، فهل يعني أن الله الآن غاضب علي؟؟ و هل يعني هذا أن الله لا يقبل صلاتي و دعائي و قيامي؟؟ و هل إذا دعت علي في ساعة غضبها بأن ينزل الله علي العذاب دعاؤها مستجاب؟؟؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد أمر الله بالإحسان إلى الوالدين فقال: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً[البقرة:83]. وقد حض النبي صلى الله عليه وسلم على إرضائهما فقال: رضى الرب في رضى الوالدين، وسخط الرب في سخط الوالدين. رواه الترمذي والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني. وقد حرم عقوق الأم فقال: إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات... رواه البخاري ومسلم. وبناء على هذا فاعلمي أنه يخاف عليك من غضب الله إذا كانت أمك ساخطة عليك، واعلمي أن دعوات الوالد على الولد من الدعوات التي لا شك في استجابتها، كما في الحديث: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهنَّ: دعوة الوالد على ولده، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه الأرنؤوط والألباني. فحاولي بجد أن تتعرفي على سبب غضبها، وأقلعي فورًا عمَّا يغضبها، واجتهدي في إرضائها، وابكي بين يديها، وأكثري الدعاء، وبادري بالتوبة، واحرصي على الصلاة والقيام. هذا ولا نعلم شيئًا يفيد أن عدم رضاها يمنع قبول الصلاة والدعاء، بل الظاهر أن عدم رضى الوالدة لا يمنع من قبول الدعاء، كما في حديث جريج في الصحيحين، فقد دعت عليه أمه فاستجيب دعاؤها، ثم دعا هو فاستجيب دعاؤه. ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان جريح رجلاً عابدًا فاتخذ صومعة، فكان فيها فأتته أمه وهو يصلي، فقالت: يا جريج. فقال: يا رب أمي وصلاتي. فأقبل على صلاته، فانصرفت. فلما كان من الغد أتته وهو يصلي. فقالت: يا جريج. فقال: يا رب أمي وصلاتي. فأقبل على صلاته فانصرفت. فلما كان من الغد أتته وهو يصلي، فقالت: يا جريج. فقال: أي رب أمي وصلاتي. فأقبل على صلاته. فقالت: اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجه المومسات. فتذاكر بنو إسرائيل جريجًا وعبادته. وكانت امرأة بغي يتمثل بحسنها، فقالت: إن شئتم لأفتننه لكم. قال: فتعرضت له فلم يلتفت إليها. فأتت راعيًّا كان يأوي إلى صومعته فأمكنته من نفسها، فوقع عليها فحملت. فلما ولدت قالت: هو من جريج. فأتوه فاستنزلوه وهدموا صومعته، وجعلوا يضربونه. فقال: ما شأنكم؟ قالوا: زنيت بهذه البغي فولدت منك. فقال: أين الصبي؟ فجاءوا به فقال: دعوني حتى أصلي. فصلى، فلما انصرف أتى الصبي فطعنه في بطنه وقال: يا غلام من أبوك؟ قال: فلان الراعي. قال: فأقبلوا على جريج يقبلونه ويتمسحون به. فقالوا: نبني لك صومعتك من ذهب. قال: لا. أعيدوها من طين كما كانت، ففعلوا. رواه البخاري مختصرًا. والله أعلم.