عنوان الفتوى : الطلاق قد يكون من النعم
زوجتي منذ مدة تريد الانفصال، وأنا أعمل على إقناعها بعكس ذلك، إلا أنني منذ أربعة أيام ضقت بها ذرعا، وأرسلتها لأبيها. بعد يومين ذهبت لإرجاعها، ولكنها رفضت بشدة. المهم وجدت على أحد المواقع هذا الدعاء لتليين قلب الزوجة: بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين. اللّهم إنه ليس في السماوات دورات، ولا في الأرض غمرات، ولا في الشجر ورقات، ولا في الأجسام حركات، ولا في العيون لحظات، ولا في النفوس خطرات، ولا في البحار قطرات، إلا وهي هي بك عارفات، ولك مشاهدات، وعليك دالات، وبك والهات، وفي ملكك متحيرات. فبالقدرة التي سخرت بها أهل السماوات والأرض، سخر لي قلوب المخلوقات، وقلب فلانة بنت فلانة، إنك على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير. وصلى الله على محمد وآله أجمعين. هل هذه الدعاء مفيد؟ إذا لم يكن كذلك، أرجو تزويدي بدعاء يفيدني، ويرد زوجتي إلي؛ لأنني لا أريد أن أخرب بيتي، وأضيع طفلتي. شكرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالدعاء المذكور ليس من الأدعية المأثورة -فيما نعلم- ولا نعلم دعاءا مخصوصاً لردّ الزوجة وتليين قلبها، ولكن الدعاء عموماً من أنفع الأسباب، وننصحك بتوسيط بعض العقلاء من الأقارب، أو غيرهم من الصالحين، للإصلاح بينك وبين امرأتك، فإن تعذّر الإصلاح، وبقيت الزوجة مصرة على الفراق، فينبغي أن تفارقها بطلاق أو خلع، وقد يكون الطلاق في بعض الأحوال خيراً من الإمساك، قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ {النساء:130 }.
قال القرطبي -رحمه الله-: أي وإن لم يصطلحا، بل تفرقا، فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيّض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها. الجامع لأحكام القرآن.
وقال ابن القيم -رحمه الله-: قَدْ يَكُونُ الطَّلَاقُ مِنْ أَكْبَرِ النِّعَمِ الَّتِي يَفُكُّ بِهَا الْمُطَلِّقُ الْغُلَّ مِنْ عُنُقِهِ، وَالْقَيْدَ مِنْ رِجْلِهِ، فَلَيْسَ كُلُّ طَلَاقٍ نِقْمَةً، بَلْ مِنْ تَمَامِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ مَكَّنَهُمْ مِنَ الْمُفَارَقَةِ بِالطَّلَاقِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ، وَالتَّخَلُّصَ مِمَّنْ لَا يُحِبُّهَا وَلَا يُلَائِمُهَا، فَلَمْ يُرَ لِلْمُتَحَابَّيْنِ مِثْلُ النِّكَاحِ، وَلَا لِلْمُتَبَاغِضَيْنِ مِثْلُ الطَّلَاقِ. زاد المعاد في هدي خير العباد.
والله أعلم.