عنوان الفتوى : حكم من ولد لأبوين مسلمين واختار غير الإسلام

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أنا شاب عمري 17سنة، ولدت لأبوين مسلمين، وطالما راودتني الشكوك حول هذا الدين، وحاولت قدر الإمكان دفعها، لكنها انفجرت، وبحثت كثيراً، بل لم أترك كتاباً إلا وقرأته، قرأت أكثر تفاسير القرآن شهرة، فما وجدت الإسلام مقنعاً، ولا وجدته يقدم أي إجابة، أو رؤيا مقنعة عن نشأة الكون، وبعد رحلة طويلة من البحث، قررت الإلحاد. سؤالي: لماذا يُعد المسلمون المولدون لآباء مسلمين، مرتدين، ويجب قتلهم، مع أنهم لم يختاروا الإسلام، بل فرض عليهم؟ ألا يقول دينكم: لا إكراه في الدين؟ أرجو أن تجيبوا على سؤالي بالتحديد، وألا تبتعدوا عنه. وشكراً.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يلهمك رشدك، وأن يقيك شر نفسك، وأن يشرح للحق صدرك.

فمما يؤسِف، ويُحزن القلب، أن يعرِّض المرءُ نفسَه لشبهات لا يستطيع دفعها بعلم راسخ، ولا بإيمان ثابت .. ولا سيما مع صغر السن، وضيق المدارك، ونزغات الشيطان التي تجد سبيلها بسهولة إلى قلب الشاب النضر، الطري.
وما ذكرته ـ يا بُنيَّ ـ في سؤالك عن حكم من ولد لأبوين مسلمين، ثم اختار غير الإسلام، ليس هو المشكل، وإنما المشكل حقا هو ما ذكرته عن نفسك من قرار الإلحاد بعد رحلة بحث طويلة!!! ويا ليتك أخذت بما نصحناك به في فتواك السابقة، برقم: (286813) والتي يفهم من تاريخها قصر مدة هذه الرحلة، لا طولها.
وعلى أية حال، فلنبدأ بجواب سؤالك أولا، فقد اختلف أهل العلم في من ثبت له الإسلام لكونه مولودا من أب، أو أم مسلمة، هل يقتل ردةً إذا بلغ ولم يرض بالإسلام أم لا؟ ومذهب الحنفية ـ خلافا للجمهورـ أنه لا يقتل.

  قال السرخسي في (شرح السير الكبير): من ثبت له حكم الإسلام تبعا للأبوين، لا يقتل إذا بلغ مرتدا؛ لمعنى الشبهة. اهـ.
وقال ابن نجيم في (البحر الرائق): يشترط في جواز قتل المرتد، أن لا يكون إسلامه بطريق التبعية، ولذا قال في البدائع: صبي أبواه مسلمان، حتى حكم بإسلامه تبعا لأبويه، فبلغ كافرا، ولم يسمع منه إقرار باللسان بعد البلوغ: لا يقتل؛ لانعدام الردة منه؛ إذ هي اسم للتكذيب بعد سابقة التصديق، ولم يوجد منه التصديق بعد البلوغ أصلا؛ لانعدام دليله، وهو الإقرار. اهـ.
وقال الكرابيسي في (الفروق): الصبي إذا أسلم، ثم ارتد، لم يقتل، وكذلك من ثبت له حكم الإسلام بالدار، أو بأحد أبويه، ثم ارتد، لم يقتل، وحبس حتى يعود إلى الإسلام. ومن كان بالغا، فأسلم بنفسه، ثم ارتد، قتل. وجه الفرق أن من صار مسلما بإسلام أبويه، أو بالدار، لم يلتزم حكم الإسلام بنفسه، فلم يكن بالردة مناقضا ما أوجبه بعقده، فجاز ألا تتوجه العقوبة عليه. اهـ. 

وراجع في بيان حد الردة، وحقيقة عدم الإكراه في الدين، الفتوى رقم: 170755.
ويبقى الأهم من ذلك ـ كما سبقت الإشارة إليه ـ تحذيرنا لك من الإلحاد، فهو أبعد ما يكون عن الإجابة عن أسئلتك عن الكون، والحياة، وهو مع ذلك أسوأ ما يكون في العاقبة، والعياذ بالله.

ولذلك فإننا نرجو أن يراجع الابن السائل نفسه، ويسألها: إن كان الإسلام ـ في نظره- لا يقدم أي إجابة، أو رؤيا مقنعة عن نشأة الكون! فهل الإلحاد، والقول بنشأة الكون مصادفة، هي الإجابة الصحيحة عن ذلك؟!!!

ويمكنك أن تراجع الفتويين: 301768، 129287.

ونرجو أن تتابع موقع براهين؛ لدراسة الإلحاد، ومعالجة النوازل العقدية، وهذا رابطه:
http://www.braheen.com/

كما يمكنك الرجوع للكتب، التي سبق أن ذكرناها في الفتوى رقم: 203740.

والله أعلم.