عنوان الفتوى :
جزاكم الله كل خير على كل ما تبذلونه من جهود في إجاباتكم العلمية الموثقة: امرأة أنجبت من زوجها الأول ولدين, ووقع حادث مرور أدى إلى وفاة الزوج ودفنه بحضور العائلتين, وبعد ثلاث سنوات تزوجت المرأة وتبين للزوج الثاني أنها مصابة بالسحر، فتم علاجها ـ والحمد لله ـ وتبينت حقائق مفزعة وهي أن حماتها الأولى هي من قامت بالسحر للتفريق بين ابنها وتلك المرأة، والتي كانت على يقين بكره حماتها لزواجها، كما تبين أن الزوج الأول لم يمت وهو حي يرزق، وإنما كان ذلك في إطار تمثيلية قامت بها الحماة لقطع الصلة بين الزوجة وابنها وقد تم دفن شخص مجهول الهوية من المستشفى حتى تكتمل كل عناصر المسرحية، وعندما عاد الزوج الأول للظهور في حياة المرأة بدعوى حقه في رعاية ولديه بدأ يراودها ويدعي أن زواجها الثاني باطل ويحرضها على الطلاق من زوجها الثاني وهي ترفض كل ذلك, كما اعترف بأفعال أمه السحرية، وكثرت زياراته واتصاله بها للتنسيق حول زيارة الولدين, واستغل فترة غياب الزوج الثاني وزار الولدين ثم اغتصبها وقال لها أخبري زوجك بما فعلت بك حتى يطلقك، ثم سأتزوجك, وهي الآن حامل منه يقينا لأن الزوج الثاني لم يقربها منذ ثلاثة أشهر يقينا واعترفت لزوجها الثاني بما حدث وهي حامل في الأسبوع الثالث، مع العلم أن حماتها ما زالت تباشر السحر حتى لا يتم الإنجاب من زواجها الثاني وفعلا فقد أسقطت أربع أو خمس مرات بدون أسباب طبية, كما أن أعراض سحر التفريق ظهرت في العلاقة بين الزوجين وتم التأكد من أن الزوج الأول هو الذي لجأ لذلك من أجل التفريق، فهل يطلق الزوج الثاني زوجته رغم عدم رغبته ولا رغبتها في الانفصال؟ وهل يلجأ إلى إسقاط الجنين، لأنه على يقين أنه من ذلك الرجل وليس منه؟ أم ينسبه إلى نفسه وهو على يقين بأنه ليس ابنه؟ وهل يعمل بالحديث: الولد للفراش؟ أم بالآية: ادعوهم لآبائهم؟ وهل يتحمل الزوج الثاني اغتصاب زوجته ويسترها ثم ينسب ابن الزنا له؟ وكيف سيتم التعامل مع الزوج الأول مستقبلا؟ وهل يحق للزوج الثاني منع الأول من زيارة ولديه ـ 7 و5 أعوام ـ بعد الذي حدث؟. وبارك الله فيكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت هذه الواقعة قد حدثت فعلا، فهي من الغرائب، وتدل على جهل واستخفاف بحرمات الله تعالى، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فكيف تجرؤ هذه المرأة على ادعاء وفاة ابنها كذبا وزورا وبهتانا؟ فالواجب عليها التوبة النصوح، وتراجع في شروط التوبة الفتوى رقم: 29785.
وهذه من مسائل الدعاوى والمرافعات التي لا تجدي فيها الفتوى، فالأولى أن تراجع المحكمة الشرعية لينظر القاضي الشرعي في الأمر ويسمع من جميع الأطراف ويستدعي البينات، ويحكم بما هو مناسب، وحكم القاضي ملزم ورافع للخلاف في مسائل الاجتهاد، وفي بعض ما تضمنته هذه القضية من أحكام خلاف بين الفقهاء أشرنا إليه في الفتوى رقم: 212539، فراجعها.
وننبه إلى بعض الأمور:
الأول: إقدام هذا الرجل على وطء هذه المرأة مع علمه بكونها تحت زوج ثان أمر منكر تجب عليه التوبة منه.
الثاني: أنه لا يجوز إسقاط هذا الجنين بحال، وانظر الفتوى رقم: 2016.
وينسب إلى الزوج الثاني، لكونه صاحب الفراش، وغياب زوجها الثاني عنها ثلاثة أشهر لا يعني أنه ليس ولده، فلا ينتفي عنه إلا إذا نفاه بلعان، وتراجع الفتوى رقم: 78450.
الثالث: لا يجوز اتهام المسلم بعمل السحر إلا عن بينة، والأصل في المسلم السلامة، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}.
والله أعلم.