عنوان الفتوى : المدارس المختلطة وحاجة التعلم.. المشكلة والحل
بارك الله فيكم. ما حكم اِلتحاق الأطفال بمدارس ثانوية مختلطة، علما أنه تمت تنشئتهم بتربية دينية ولله الحمد، وهم حفظة لكتاب الله, علما أنه لا بديل لنا غير ذلك, وأنا كأب أخاف أن أترك أبنائي دون تعليم فينقمون علي بعد ذلك لأني لم أعلمهم العلوم الدنيوية، أو لأنهم لا يستطيعون التعايش مع غيرهم دون تعلمها؟ وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فمن بلغ مرحلة التعليم الثانوي فإنه لم يعد طفلا؛ إذ الطفل من لم يبلغ سن التكليف، والطالب في المرحلة الثانوية قد بلغها؛ لأن البلوغ يحصل بواحد من ثلاث علامات، ومنها: إتمام خمسة عشر عاما، ولا يصل الطالب المرحلة الثانوية إلا من بلغ هذه السن في العادة.
وإذا تبين أنه مكلف، فإنه كسائر المكلفين لا يجوز له في الأصل أن يدرس في مدارس مختلطة؛ لما في ذلك من الضرر، والفساد على دينه. والاختلاط بين الرجال والنساء في المدارس أو غيرها من المنكرات العظيمة، والمفاسد الكبيرة في الدين والدنيا.
فقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: اختلاط الرجال والنساء في التعليم حرام، ومنكر عظيم؛ لما فيه من الفتنة، وانتشار الفساد، وانتهاك الحرمات، وما وقع بسبب هذا الاختلاط من الشر والفساد الخلقي من أقوى الأدلة على تحريمه ... اهــ.
وجاء فيها أيضا: مدار المنع من اختلاط النساء بالرجال هو خشية الفتنة، وأن يكون ذريعة إلى ارتكاب الفاحشة، وانتهاك الحرمات، وفساد المجتمع، وقد تكون هذه الأمور أشد تحققا في اختلاطها في التعليم؛ فكان حراما .. اهـ.
فالواجب عليك البحث عن مدارس غير مختلطة لتدريس أولادك، فإن تعذر ذلك بكل حال، فلا نرى مانعا من تدريسهم في المدارس المختلطة، مع وجوب أخذ الحيطة والحذر، والمتابعة الدقيقة لهم، وحثهم على تقوى الله تعالى، والبعد عن الاختلاط المباشر بالطالبات. وإنما أجزنا هذا لشدة الحاجة للدراسة في هذا الزمن، ومن المتقرر لدى أهل العلم أن ما حُرِّمَ تحريم وسائل أبيح للحاجة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: القاعدة المعروفة عند أهل العلم أن ما حرم تحريم الوسائل، أباحته الحاجة. وما حرم تحريماً ذاتياً، تحريم المقاصد، فإنه لا يبيحه إلا الضرورة. اهــ.
وسأله سائل فقال: جميع المدارس بمحافظتي وهي محافظة إدلب، مدارسها مختلطة شباب، وفتيات وهن سفور فوق العادة، وخاصة في مدرستي، ولا يمكن بل ولا يستطيع المرء إلا أن يتحدث معهن من خلال الدروس. والمطلوب: ما حكم الشرع في ذلك. أفيدونا جزاكم الله ألف خير؟
فأجاب رحمه الله تعالى بقوله: الذي يجب عليك أيها الأخ أن تطلب مدرسةً ليس فيها هذا الاختلاط الذي وصفت حال أهله؛ لأن ذلك فتنة عظيمة، ولا يجوز للإنسان أن يعرض نفسه للفتن ....
نقول أيها الأخ: يجب عليك أن تتطلب مدرسةً ليس هذا وضعها، فإن لم تجد مدرسةً إلا بهذا الوضع، وأنت محتاجٌ إلى الدراسة، فإنك تدرس، وتحرص بقدر ما تستطيع على البعد عن الفاحشة، والفتنة بحيث تغض بصرك، وتحفظ لسانك، ولا تتكلم مع النساء، ولا تمر إليهن. اهــ مختصرا من فتاوى نور على الدرب.
والله أعلم.