عنوان الفتوى : لا ينبغي الامتناع عن الزواج بسبب العلاقات العاطفية الماضية
أخطأت خطأ كبيرا، ونادمة عليه. تعرفت على شاب عبر الإنترنت، وأحببته، وتواصلنا لأكثر من سنة ونصف. وكان قد وعدني بالزواج، وخدعني. وفي الفترة الأخيرة كان يتهرب من الموضوع. بعد ذلك اكتشفت أنه خطب، كنت مغيبة في الفترة التي أحببته فيها. كان يضغط علي بأشياء كثيرة فأفعلها وأنا لا أريدها، ويهددني بأنه سوف يتركني وأنا كنت ضعيفة، وعقلي مغيب. وطغى علي الحب، كان يطالبني بإرسال صور، وكل فترة يتمادى بالطلبات، وأخطأت بحق الله، وحق أهلي، ونفسي. وفي الأخير تركني، وخطب قريبته، تركني بذنوبي وذهب، وفي الأخير يطلب مني السماح. هل يعتبر قد ظلمني؟ وهل تعتبر دعوتي دعوة مظلوم؟ وأنا نادمة أيضا، وتبت إلى الله، أتمنى أن يقبل توبتي ورجوعي. أيضا هل يجوز لي الزواج من شخص آخر، أو يعتبر ذلك حراما، علما بأن كل الذي حدث بيني وبين ذاك الشاب مكالمات فيديو فقط. أنا متعبة نفسيا جدا، أصبحت أنا الضحية الوحيدة، وهو سعيد مع خطيبته الجديدة. لقد دمرت حياتي وأغضبت الله، لكن الحب طغى. أنا مخطئة، وأعترف، وأتمنى أن يقبل الله توبتي. لا أدري كيف أكمل الحياة؟ أشعر بالندم الشديد. تقدم رجل لخطبتي ورفضته، أشعر بأنني سيئة، لا أستحق الزواج. ماذا أفعل؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يقبل توبتك، ويغفر ذنبك، ويحفظ لك دينك وعرضك، فثقي بربك سبحانه، فرحمته واسعة، ومغفرته لا يعظم معها ذنب، فهو القائل: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}، وثبت في صحيح مسلم عن أبي موسى -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها.
ونرجو أن يكون ما حدث لك مع هذا الشاب درسا تستفيدين منه لمستقبل حياتك، وتستفيد منه كل فتاة مسلمة، حيث تبين حكمة الشرع في تحريم العلاقات العاطفية بين المرأة والرجل الأجنبي عنها، وأن ذلك ذريعة للشر والفساد، وكذلك خطورة شياطين الجن والإنس، وكيف أنهم يستدرجون الفتاة للوقوع في مصائدهم ثم يرمون بها، وراجعي الفتويين: 30003، 12928.
فاحرصي على الاستقامة، والالتزام بالستر والحجاب، والبعد عن أسباب الفتنة من التبرج والخلوة، والاختلاط المحرم وغير ذلك. وانظري لمزيد الفائدة، الفتوى: 1208، 10800.
ولا ينبغي أن يكون ما حدث لك مع هذا الشاب مانعا لك عن الزواج وقبول الخطاب، فإنك بذلك تعالجين خطأ بخطأ مثله، ولا تستسلمي لأي خواطر شيطانية قد تمنعك من هذا الخير، ففي الزواج كثير من مصالح الدنيا والآخرة. والشرع الحكيم قد حث على الزواج كوسيلة للعفاف، ففي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب؛ من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج. ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء. وقد ذكر أهل العلم أن الزواج تختلف أحكامه باختلاف الأحوال، وأنه يكون واجبا عند خوف الفتنة، ويمكنك أن تراجعي التفصيل في الفتوى: 3011.
وإذا تقدم لك خاطب، فلا تخبريه بما كان مع ذلك الشاب، بل يجب عليك الستر على نفسك.
وإن كنت مطاوعة لهذا الشاب فيما فعله معك من معاص، فلا يكون ظالما لك، ولا حق لك عليه، كما أنه لا يلزمه أن يفي لك بما وعد من أمر الزواج، ولكن قد يستحب ذلك في حقه، ونرجو مطالعة الفتويين: 198321، 17057.
والله أعلم.