عنوان الفتوى : ولد الأمة من سيدها حر، وليس متوقفًا على إعجاب السيد به
ما حكم ابن الأمة؟ وما مصير أمه بعد إنجابه؟ وهل صحيحٌ أن سيدها إذا جامعها وأنجبت ولدًا ـ سواءً كان ذكرًا أم أنثى ـ ولم يعجبه الولد، ولم يحبه بقيت الأمة عبدة، وابنها عبدًا؟ أما إذا أعجبه الولد وقال عنه: إنه ولده أصبحت أمه حرة؟ بمعنى أن الأمة تصبح حرة بعد الإنجاب من سيدها إذا أحب السيد الولد، وقال عنه: إنه ابنه، أما إذا لم يحبه وقال عنه: ليس بولدي بقي هو وأمه عبيدًا - جزاكم الله خيرًا -؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ولد الأمة من سيدها يعتبر حرًّا، سواء كان ذكرًا أم أنثى، وليس ذلك متوقفًا على إعجابه للسيد أو محبته له، فالولد حر على كل حال، ولو رضي هو نفسه بالرق؛ لأن الحرية حق لله تعالى، فلا يجوز استرقاق الحر، ولو رضي بذلك، والأمة إذا ولدت من سيدها فإنها تكون حرة بعد موت سيدها على كل حال، جاء في نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج للرملي: إذا أحبل أمته فولدت حيًا، أو ميتًا، أو ما يجب فيه غرة، كمضغة فيها صورة آدمي ظاهرة، أو خفية أخبر بها القوابل، ويعتبر أربع منهن، أو رجلان خبيران، أو رجل وامرأتان، عتقت بموت السيد؛ لما مر، ولأن ولدها كالجزء منها، وقد انعقد حرًّا، فاستتبع الباقي كالعتق. اهـ.
وفي بلغة السالك لأقرب المسالك المعروف بحاشية الصاوي على الشرح الصغير: وتعتق من رأس ماله، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: أيما أمة ولدت من سيدها، فهي حرة عن دبر منه، إن أقر السيد بوطئها وأنزل، أقر في صحته أو مرضه فيثبت كونها أم ولد بإقراره، ووجد الولد مع إقراره، فلا يحتاج لإثبات ولادة، أو ثبت إلقاء علقة: دم مجتمع لا يذوب من صب ماء حار عليه، ففوق فأعلى من العلقة كمضغة، كان ثبوت إلقاء الحمل بعدلين، بل ولو امرأتين: إذا لم يكن معها الولد، والسيد مقر بالوطء... اهـ.
وجاء في الكافي في فقه الإمام أحمد: إذا أصاب الرجل أمته، فولدت منه ما يتبين فيه بعض خلق الإنسان، صارت له أم ولد تعتق بموته من رأس المال؛ لما روى ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أيما أمة ولدت من سيدها فهي حرة عن دبر منه ـ رواه أحمد، وابن ماجه. اهـ.
ولا يقبل قول من قال عن ابن أمته التي وطئها: ليس بولدي ـ لمجرد أنه لا يحبه، أو لا يعجبه، فإذا اعترف السيد بوطئها، وأتت بولد لستة أشهر من الوطء أو أكثر كان الولد تابعًا له على كل حال، أحب أم كره، للحديث: الولد للفراش. متفق عليه.
ولما جاء في الموطأ للإمام مالك: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: لَا تَأْتِينِي وَلِيدَةٌ يَعْتَرِفُ سَيِّدُهَا أَنْ قَدْ أَلَمَّ بِهَا، إِلَّا أَلْحَقْتُ بِهِ وَلَدَهَا ـ قال شراحه: فَإِذا أقرّ السيِّد بِوَطْئِهَا، ثُمَّ أَتَت بِولد لمُدَّة يُمكن أَن يكون مِنْهُ، يلْحقهُ، وَلم يمكنه نَفْيه.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى التالية أرقامها: 5730، 4492، 225088، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.