عنوان الفتوى : ثلاث مصائد للشيطان في العلاقة بين الرجل والمرأة
أنا في الجامعة وأصبحت أحب فتاة من الجامعة وعازم على الزواج بها عندما أنهي دراستي، فما موقف الإسلام من مشاعري، مع العلم أنني لم أتكلم معها إلا في أمور عفوية تخص الدراسة؟ وما حكم النظر إلى صورها، مع العلم أنها لا تثير شهوتي عند النظر إليها، بل مجرد عاطفة؟وشكرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرغبة في الزواج من الفتاة بعد التخرج لا يبيح إقامة علاقة عاطفية معها قبل العقد عليها، لأن هذه العلاقة لا تلبث أن تتحول إلى أخطر داء ـ وهو بلاء العشق ـ وهذا المرض والعياذ بالله يفتح على صاحبه من المحن والمفاسد ما لا يقدر على صرفه إلا الله, كما بيناه في الفتويين رقم: 117632, ورقم: 9360.
ومع الحب تكون هذه اللقاءات والنظرات والكلمات مقدمات للحرام، كما قال شوقي:
نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء.
وقد حرم الله قربان الزنا فقال: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء:32}. فهذه المشاعر والعواطف نحو الفتاة قبل الزواج لا يعترف بها الإسلام، لأنها تتولد في ظل الاختلاط المحرم بين الجنسين في الجامعات، وتنتج علاقات آثمة، وهو ما قررناه في الفتويين رقم: 128669، ورقم: 4220.
فلا موضع والحالة هذه للأحاديث العفوية، بل هي مقدمات لما بعدها، فاحذر تلبيس إبليس، كما أن النظر إلى صورها لا يجوز ولو لم توجد شهوة، قال الله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30}. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمه: يا عليُّ، لا تُتْبِعِ النظرةَ النظرةَ، فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة.
فلم يميز الشارع بين نظر بشهوة ونظر بعاطفة دون شهوة! وقال ابن مسعود رضي الله عنه: الإثم حواز القلوب، وما من نظرة إلا وللشيطان فيها مطمع. كما في صحيح ترغيب المنذري.
فكما ترى: كل أدلة تحريم النظر إلى النساء لم تخص الحرمة بنظر الشهوة، فالنظر بعاطفة دون شهوة كالنظر بشهوة، لا فرق بينهما في الحرمة.
وأما نظر الخاطب: فلا يحل إلا بشروط منها: العزم على النكاح، وغلبة الظن بقبول الأولياء، وأمن الفتنة، وعدم اللذة، وانتفاء الخلوة، والاقتصار على الوجه والكفين، وعدم التكرار إلا بقدر الحاجة على المختار من أقوال الفقهاء الأعلام، ولذلك نوصيك أن تحسم علاقتك بهذه الفتاة، إما بزواج مباشر دون تأخير، أو بقطيعة تامة دون تردد، ونحذرك من مصائد الشيطان الثلاث التي وقعت فيها وهي: الحب السابق باسم الزواج، والحديث العفوي باسم الدراسة، والنظر بلا شهوة باسم العاطفة، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور:21}.
وانظر في الحب قبل الزواج الفتوى رقم: 33115. وانظر في الصداقة الجامعية الفتوى رقم: 9431 .
والله أعلم.