عنوان الفتوى : رفض الزوجة الرجوع لبيت العائلة بين النشوز وعدمه
أنا متزوجة منذ ثمانية أشهر، ووقع خلاف بيني وبين أهل زوجي، وتدخل أخو زوجي المتزوج الساكن في نفس البيت، وهددني بالضرب، وأخذني زوجي إلى بيت أهلي، وتركني مدة تزيد عن الثلاثة الأشهر، وخلال هذه المدة لم ينفق عليّ، بل لم يسأل عني، علمًا أني حامل، وزوجي الآن يريد إرجاعي لبيت العائلة، فرفضت، وطلبت منه مسكنًا منفردًا مستقلًا عن العائلة، وأنا الآن في خلاف معه، وقال: أنت عاصية لزوجك، وأنا غير راضٍ عنك، فهل في هذه الحالة أنا عاصية لزوجي؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسكن الآمن المستقل الملائم للمرأة، حق من حقوق الزوجة على زوجها في الإسلام، كما بيناه في الفتاوى: 66191، 80603، 68642، 2069.
فإن كان بيت الزوجية ـ المشترك مع بيت عائلة زوجك ـ مستقلًا بمرافقه - كالمطبخ، والحمام، والممر - ولا ضرر عليك فيه، ويليق بمثلك من الزوجات في المستوى الاجتماعي: فليس لك الحق أن ترفضي العودة إليه.
فإن رفضت: فأنت عاصية ناشزة، اللهم إلا أن تكوني قد اشترطت عليه في عقد النكاح ألا يسكنك في بيت عائلة زوجك، فلا بد من الوفاء بالشرط.
وما وقع من خلاف بينك وبين أهل الزوج، يحصل بين أي جارين، أو أخوين، وسبيله إصلاح ذات البين، والعفو، والصفح، والتسامح، وحسن الجوار، لا هجر أهل الزوج، ومفارقة بيت الزوجية، ومجرد تهديد أخي زوجك قد يكون في لحظة غضب وانفعال، وليس ضررًا حقيقيًا يمنعك من الرجوع.
وأما إن لم يكن كذلك، كأن كانت مرافقه مشتركة، أو تتضرر الزوجة فيه؛ لسوء خلق أخي الزوج، وتخشى بطشه، أو لا يليق بمثلها: فلا تكون السائلة عاصية، بل يكون الزوج هو المقصر في توفير مسكن كريم آمن لائق لزوجته، ولها الامتناع من العودة معه؛ حتى يوفر لك السكن الآمن الكريم، قال الدردير في الشرح الكبير: للزوجة الامتناع من أن تسكن مع أقارب الزوج، كأبويه في دار واحدة؛ لما فيه من الضرر عليها، باطلاعهم على حالها، إلا الوضيعة، فليس لها الامتناع من السكنى معهم، وكذا الشريفة إن اشترطوا عليها سكناها معهم، ومحل ذلك فيما لم يطلعوا على عوراتها.
والمقصود أن الاستقلال التام عن بيت العائلة، ليس شرطًا في نفسه لبيت الزوجية الشرعي، كما بيناه في الفتوى: 26276، وللمزيد في تقرير كلام الفقهاء في ضابط السكن المستقل تنظر الفتوى: 51137، 80603.
وأما ردّكِ إلى بيت أهلك: فليس الخلاف الذي وقع مع أهل زوجك مسقطًا لوجوب السكنى على زوجك، ولا النفقة، إلا برضاك، كأن توافقيه على المكث بعض الأيام مع أهلك؛ لتهدئة النفوس بعد الخلاف الذي وقع مع أهله.
وليس من الإنصاف أن يفرط الزوج في حقوق امرأته غضبًا لأهله، بل عليه التوفيق، وإصلاح ذات البين.
وأما النفقة، فهي: واجبة عليه، سواء مكثت في بيته، أم بيت أهلك، ولا تسقط بالتقادم.
أما الناشز فلا نفقة لها، إلا الحامل، فأوجب النفقة لها المالكية، والحنابلة؛ لأنها للحمل، لا للحامل، قال الشيخ منصور في الكشاف على الإقناع ممزوجين: (فتجب) النفقة (على زوج ل) زوجة (ناشز حامل) ... والناشز العاصية لزوجها (فإن امتنعت من فراشه، أو) من (الانتقال معه إلى مسكن مثلها، أو خرجت) من منزله بغير إذنه (أو سافرت، أو انتقلت من منزله بغير إذنه، أو أبت السفر معه إذا لم تشترط بلدها، فهي ناشز.
وللمزيد في مذاهب الفقهاء في نفقة الحامل إذا نشزت تنظر الفتاوى: 159665، 137229، 106833، 15170.
والله أعلم.