عنوان الفتوى : من دخل إلى أرض العدو بأمان لم يخنهم في مالهم
السلام عليكم ورحمته تعالى وبركاته، هنا في أوربا مجموعة من الأئمة لهم راتب شهري عن البطالة يتقاضونه من صندوق الدولة، وليس هذا فحسب بل لهم راتب شهري من المسجد وربما في بعض الأحيان يكون هذا الأخير مُضاعَفًا عن الأول، ولا ننسى أن هذا الإمام يتسلم ورقة من طرف رئيس المسجد يشهد له بها أنه متطوع وهو عكس ذلك.. فهل يعتبر هذا زورا؟ أمام هذا الاختراق للقانون وغير المسموح به من قبل الدولة التي يقيم بها حيث يعتبر هذا في نظر القانون سرقة يعاقب عليها طبقا للقوانين الجاري بها العمل.. فما حكم هذا الراتب الإضافي في الشرع؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشهادة للإمام بأنه يعمل في المسجد متطوعاً والحال بخلاف ذلك كذب لا يجوز، ولا يسوِّغ هذا الكذب كون الدولة التي يتعامل معها كذلك دولة كافرة محاربة، فإنه إنما دخلها بأمان بينه وبينهم فلا يجوز غدرهم ولا خيانتهم في أموالهم.
قال ابن قدامه رحمه الله في المغني: من دخل إلى أرض العدو بأمان لم يخنهم في مالهم ولم يعاملهم بالربا، أما تحريم الربا في دار الحرب فقد ذكرناه في الربا، وأما خيانتهم فمحرمة لأنهم إنما أعطوه الأمان مشروطاً بتركه خيانتهم وأمنه إياهم من نفسه؛ وإن لم يكن ذلك مذكوراً في اللفظ فهو معلوم في المعنى، ولذلك من جاءنا منهم بأمان فخاننا كان ناقضاً لعهده، فإذا ثبت هذا لم تحل له خيانتهم لأنه غدر ولا يصلح في ديننا الغدر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم. فإن خانهم أو سرق منهم أو اقترض شيئاً وجب عليه رد ما أخذ إلى أربابه.
وقال زكريا الأنصاري الشافعي في كتابه أسنى المطالب: وتحرم أموال أهل الحرب على من أمنوه منا، فلو دخل مسلم دارهم بأمان فاقترض منهم شيئاَ أو سرق وعاد إلى دارنا لزمه رده، إذ ليس له التعرض لهم إذا دخل بأمان.
والله أعلم.