عنوان الفتوى : زنا بخطيبته فحملت فهل يجهضها وهل يتزوجها دون موافقة أهله
أنا شاب على علاقة بفتاة بنية الزواج والعزم على العيش معا، وبعد أن عزمت على خطبتها حصل سوء تنسيق بين أسرتينا فرفض أبوها أن يستقبلنا بعد أن قطعنا أكثر من نصف الطريق بحجة أنه لم يكن مستعدا ولم يتم إبلاغه إلا في ذلك الصباح ـ أي أثناء رحلتنا ـ فاضطررنا إلى الرجوع حيث عزمت والدتي على عدم العودة أو حتى استقبال لا الفتاة ولا أهلها ولا قبول اعتذارهم، وبقي الحال لمدة من الزمن حتى وافق والدي دون والدتي على الذهاب معي حيث تمت الخطبة بنجاح بحضور والدي وأهلها، وتوالت لقاءاتي بهذه البنت كزوج وزوجة تزورني مرة وأزورها مرة، واعتقدت أن لا مشكلة في ذلك وأنه تنقصنا ورقة ليس إلا، وفي المرة الأخيرة قررنا إتمام العقد بعد يومين من لقائنا، وشاءت الأقدار أن مرض والدي، وبعد أن كان قد وافق على مرافقني لإتمام العقد رضوخا لرغبتي ليس إلا, ولم يعد يقوى على السفر، ولم يكن موافقا كل الموافقة لا هو ولا أحد من أهلي، وبعد ما رفضت الفتاة أن تمهلني بعض الوقت حتى يشفى والدي قررت أن تنتهي علاقتنا فوافقتها على ذلك وأخبرت أبوي أنني قد تركت علاقتي بهذه الفتاة وإلى الأبد، ففرحا كثيرا لسماع هذا الخبر، وصرفت كل نقودي في شراء سيارة، وبعد مرور بضعة أيام اتصلت بي وأخبرتني أنها حامل, ورفضت التخلص من حملها، إذ إنه لا يتجاوز 25يوما، والآن لا أدري ما أفعل؟ فهل أقنعها بالتخلي عن حملها وأن يذهب كل في حال سبيله حيث رفضت بشدة هذا الأمر؟ أم أتم العقد بحضور أهلها فقط دون أن أخبر أهلي بذلك وبعدها أدعوها للعيش معي في شقتي ثم أخبر أهلي؟ أم أعقد عليها وأقنعها بالتخلي عن حملها وبعدها إن صلح الحال أتممنا معا وإن تعذر ذهب كل منا في حال سبيله؟ أم ماذا أفعل؟ وهل التخلص من الحمل في هذا الوقت يعتبر حراما؟ وماهو أفضل الحلول في نظركم؟ ربما نؤدي الثمن الآن لعدم الامتثال لشرع الله وعدم اتباع هدي نبيه عليه السلام، والله إني نادم كل الندم ولا أدري ما هو الحل الآن فأرجو النصيحة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه أولا إلى أن عبارة: شاءت الأقدارـ هي من الأخطاء التي على المؤمن أن يتجنبها، وانظر الفتوى رقم: 136957.
ثم اعلم أن الخاطب قبل أن يعقد على مخطوبته العقد الشرعي أجنبي عنها شأنه شأن الرجال الأجانب، وقد سبق أن بينا حدود تعامل الخاطب مع مخطوبته في الفتوى رقم: 57291.
ولا ريب أنكما قد تعديتما حدود الله وأتيتما منكرا عظيما، فالزنا من أكبر الكبائر ومن أفحش الذنوب التي تجلب غضب الله، والواجب عليكما المبادرة بالتوبة إلى الله، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب والندم على فعله والعزم على عدم العود إليه، مع الستر على النفس وعدم المجاهرة بالذنب، ولا يجوز إجهاض الحمل في هذا الوقت أو غيره، فإنّ إسقاط الجنين غير جائز إلا لضرورة كما لو كان في بقائه خطر على حياة الأم، وراجع الفتوى رقم: 35536.
كما أن زواجك منها لا يجوز قبل التوبة، وانظر الفتوى رقم: 11295.
وأما بعد التوبة فجائز بعد وضع حملها لا قبله، والحمل لا ينسب إليك، وإنما هو ولد زنا ينسب لأمه فقط، وذهب بعض العلماء إلى جواز عقد الزاني على الحامل من زناه وأن الولد ينسب إليه ما دامت المرأة ليست فراشا لغيره ولم ينازعه أحد في نسب الولد، قال ابن قدامة: وولد الزنا لا يلحق الزاني في قول الجمهور، وقال الحسن وابن سيرين يلحق الواطئ إذا أقيم عليه الحد ويرثه، وقال إبراهيم يلحقه إذا جلد الحد أو ملك الموطوءة، وقال إسحاق يلحقه، وذكر عن عروة وسليمان بن يسار نحوه، وروى علي بن عاصم عن أبي حنيفة أنه قال: لا أرى بأسا إذا زنا الرجل بالمرأة فحملت منه أن يتزوجها مع حملها ويستر عليها والولد ولد له.
والراجح عندنا هو قول الجمهور، واعلم أنه يجوز لك أن تتزوج دون علم أهلك، لكن الأولى أن تتزوج بعلم والديك وأن تطيعهما في ترك الزواج بمن لا يرغبان فيها ما لم يكن عليك ضرر في ذلك، وانظر الفتوى رقم: 76303.
والله أعلم.