ولم يكتف بهذا الحد .. - شبهات حول الإسلام - محمد قطب إبراهيم
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
ولم يكتف بهذا الحد ..فقد زوج بنت عمته زينب بنت جحش من مولاه زيد.
والزواج مسألة حساسة جداً وخاصة من جانب المرأة ، فهي تقبل أن تتزوج من يفضلها مقاماً ولكنها تأبى أن يكون زوجها دونها في الحسب والنسب والثروة، وتحس أن هذا يحط من شأنها ويغض من كبريائها.
ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يهدف إلى معنى أسمى من كل ذلك وهو رفع الرقيق من الوهدة التي دفعته إليها البشرية الظالمة إلى مستوى أعظم سادة العرب من قريش.
ولم يكتف كذلك بهذا الحد..
فقد أرسل مولاه زيداً على رأس جيش فيه الأنصار والمهاجرون من سادات العرب، فلما قتل ولى ابنه أسامة بن زيد قيادة الجيش، وفيه أبو بكر وعمر وزيرا الرسول وخليفتاه من بعده، فلم يعط المولى بذلك مجرد المساواة الإنسانية، بل أعطاه حق القيادة والرئاسة على " الأحرار ".
ووصل في ذلك إلى أن يقول: «اسمعوا وأطيعوا ولو استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة، ما أقام فيكم كتاب الله تبارك وتعالى».
فأعطى الموالي بذلك الحق في أرفع مناصب الدولة، وهو ولاية أمر المسلمين.
وقد قال عمر وهو يستخلف: " لو كان سالم مولى أبي حذيفة حياً لوليته " فيسير على نفس المبدأ الذي سنه الرسول صلى الله عليه وسلم.
ويضرب عمر مثلاً آخر من الأمثلة الرائعة على احترام الموالي؛ إذ يعارضه بلال بن رباح في مسألة الفيء فيشتد في معارضته، فلا يجد سبيلاً في رده إلا أن يقول: " اللهم اكفني بلالاً وأصحابه "! ذلك وهو الخليفة الذي كان يملك - لو أراد - أن يأمر فيطاع!
هذه النماذج التي وضعها الإسلام كان المقصود بها تحرير الرقيق من الداخل - كما قلنا في مبدأ هذا الفصل - لكي يحس بكيانه فيطلب الحرية، وهذا هو الضمان الحقيقي للتحرير.