أبخضرار الأرض يخدش العرض؟!
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
أبخضرار الأرض... يُخدش العِرض؟!
تكون الأرض مُجدبةً، والقلوب مُتربة، والنفوس ضيِّقة، حتى يمنَّ علينا المنّان، فيُرسل الرياح ملقّحات للسحاب، فتنشر السماء غيثها، فتروي الأرض، ويأنس القلب؛ ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحج: 63]، فنزول الأمطار نعمة مِن الغفار يجب على الإنسان أن يشكر ربه عليها، ولا يكونَ لنِعَم الله كُفرانٌ.
أقول هذا؛ لأني أرى اليوم الذي تنزل فيه الأمطار، يفرح الناس، ويَخرجون إلى الشوارع والحدائق مبتهجين متهلِّلين فَرِحين، وليتَ الأمر مُقتصرًا على الخروج مع الأهل والمحارم، ولكن لا، بل يكون الخروج من البعض، مع بعض بنات الهوى، تراهم على الشواطئ، في حال مزرية، وفي ريبة مربية، تقشعرُّ منها جلود المؤمنين الغيورين، فلا يملك الإنسان حينها إلا الاسترجاع والحولقة أو الحوقلة، أو النبس بكلمة خفية، لا تكاد تُسمع؛ لأن الحِسبة في بلادنا غائبة!
فيا أيها الناس رجالًا ونساء، عودوا إلى ربكم، واحمدوه على نعمة الأمطار، ولا تحوِّلوها إلى لعنة ونقمة فتندموا، ولات ساعةَ مندمِ.
وتذكّروا فيضان تسونامي، الذي أغرق أمة من الأمم، وخرَّب بيوتهم؛ ﴿ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ * فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ ﴾ [القلم: 19 - 21]، ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل: 112]، ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾ [الحج: 48]، ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا * فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا ﴾ [الطلاق: 8، 9]، فتوهّموا غضب الله وسخطه، وذلك (إذا انتهكت محارمه) فعفُّوا أنفسكم، وحجِّبوا نساءكم، وابتعدوا عن نساء غيركم، فوالله خزي وعار وشنار في الدنيا والآخرة.
والذي يليق بالمؤمن أن يشكر الله عند تجدُّد النعمة؛ ﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7]، وتفكَّروا فيما حلَّ بغيركم من النكال والأغلال.
عندما تتجدَّد هذه النعمة، يتمنَّى الصالحون أن يَخرجوا بأهاليهم للتنزُّه فلا يَستطيعوا؛ لما يرون من العهر والفسق، والله المستعان.
هذا بلاغ لكم، والبعثُ موعدُنا
وعند ذي العَرشِ يَدري الناس مالخبرُ