خاتمة المجلد الثالث والثلاثين من المنار
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
بحمد الله أختتم هذا المجلد كما افتتحته به، وله الحمد في كل أمر وعلى كل
حال، من خواتيم السنين والأحوال، وفواتحها وفواتح الأعمال، فما من عمل ولا
زمن إلا وله فيه نعمة ظاهرة أو باطنة، ورحمة بارزة أو كامنة، ومن فضله
ورحمته، وأعظم نعمه ومننه أن أقدرنا في هذا المجلد على إتمام ما وعدنا به في
خاتمة ما قبله من مباحث (الوحي المحمدي) فكان كتابًا مستقلاًّ، نفدت طبعته في
أثناء سنته الأولى، وجدد فيها مرة ثانية كما تراه في هذا الجزء مفصلاً تفصيلاً.
وأما وعدي بإنجاز مباحث الربا فيه وقد طال عليها الأمد، فقد شرعت فيها
بالتحقيق لمسألة الحيل، واتفق أن حاورنا في تحرير ربا النسيئة القطعي بعض
كبار الفقهاء فطال الحوار والجدل، فأرجأت كتابة بحث التطبيق العملي منه إلى أن
نتفق على القواعد التي وضعتها له، وعسى أن يكون هذا قريبًا فنتم هذه الفصول
في المجلد الرابع والثلاثين، ونصدرها في كتاب مستقل تَقَرُّ به أعين الناظرين
وكذلك مناظرة حقوق النساء ومناظرة التجديد والمجددين، وكتاب (المنار والأزهر)
كلها أرجو إصدارها في هذا العام بتوفيق الله تعالى وفضله.
وقد علم قراء الطبعة الثانية من كتاب الوحي المحمدي أنني وعدت في
تصديرها بكتابة علاوات لها تبلغ اثنتي عشرة أو أكثر، تصدر في جزء آخر،
وسيكون فيه تفنيد مدعي الوحي من الدجالين المتأخرين كما وعدنا أن يتم في العام
الجديد أيضًا.
وأما هاضمو حقوق المنار فحسبي ما وجهت إليهم من إنذار وإعذار، وتفويض
أمر المستحلين إلى عدل المنتقم الجبار، ولقد تبين لنا أن بعض الماطلين غير
مستحلين، فإن منهم من قضى فوفَّى، ومن قضى البعض وعفونا له عما بقي، ومن
أحللناه من كل ما عليه، لاعتذار صحيح قبلناه منه، ومنهم من طلب النظرة إلى
الميسرة فأنظرناه، وما ياسرنا أحد فأعسرناه، ولا استماحنا معذِّر فرددناه، ومن بخل
علينا بعد ذلك بالمال وبالقال، بعد طول هذا المطال، فلا يسر الله عسرته، ولا أبرأ
ذمته، ولا أقال عثرته، وإنا لنستحي أن نشهرهم لقراء المنار الأخيار بأسمائهم فنعدهم
ممن كانوا منهم، ونذكر القراء على عادتنا بالنصح لنا كما ننصح لهم، وبتذكيرنا بما
يرونه منتقدًا؛ لنتعاون على إحقاق الحق، ومن تأخر نشر ما ينتقده فليصبر، فإن
طال الأمد فليذكر، والحمد لله أولاً وآخرًا.