عنوان الفتوى : العمرة أفضل أم التصدق بتكاليفها على الفقراء
نوينا القيام بعمرة مع العائلة, ولدينا خادمة حلمها الذهاب إلى مكة, فأيهما أفضل: أخذها للعمرة أم التصدق بتكاليف عمرتها للفقراء؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المفاضلة بين العبادات من أدق أبواب العلم؛ لأنها مفاضلة في درجات ما يحبه الله عز وجل، والمفاضلة بين مصارف الصدقات يختلف الحال فيها باختلاف المتصدق عليه، من حيث حاجته وقربه من المتصدق, وغير ذلك, يقول ابن القيم - رحمه الله -: أفضل الصدقة ما صادفت حاجة من المتصدق عليه, وكانت دائمة مستمرة، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصدقة سقي الماء) رواه أبو داود بإسناد حسن, وهذا في موضع يقل فيه الماء ويكثر فيه العطش، وإلا فسقي الماء على الأنهار والقنى لا يكون أفضل من إطعام الطعام عند الحاجة. انتهى.
فبهذا يعلم أن الصدقة تختلف بحسب الحال، ولا يمكن أن تجعل لها قاعدة واحدة مطردة.
وبخصوص سؤالك فإن لم يكن لديك أقارب محتاجون، أو أناس معينون مضطرون إلى صدقتك، فإن التصدق على الخادمة أولى, خصوصًا إن لم تكن قد اعتمرت من قبل, قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في الاختيارات: وأما إذا كان له أقارب محاويج، فالصدقة عليهم أفضل، وكذا إذا كان هناك قوم مضطرون إلى نفقته، فأما إذا كان كلاهما تطوعًا، فالحج أفضل؛ لأنه عبادة بدنية مالية، وكذا الأضحية والعقيقة أفضل من الصدقة بقيمة ذلك. اهـ.
وسئل الشيخ ابن باز - رحمه الله - عما إذا كان التصدق بتكاليف العمرة أفضل من أدائها, فأجاب: بأن الصواب أن الحج والعمرة أفضل من الصدقة بنفقتهما لمن أخلص لله القصد، وأتى بهذا النسك على الوجه المشروع. اهـ
ثم يضاف إلى أوجه التفضيل أن الخادمة لا تقل منزلتها عن منزلة الجار الأقرب، والتصدق على الجار الأقرب أولى من البعيد, قال النووي في منهاج الطالبين: (صدقة التطوع سنة, وتحل لغني وكافر, ودفعها سرًا, وفي رمضان, ولقريب, وجار أفضل, قال الشربيني في مغني المحتاج شارحًا ذلك: (وَ) دَفْعُهَا (لِجَارٍ) أَقْرَبَ فَأَقْرَبَ (أَفْضَلُ) مِنْ دَفْعِهَا لِغَيْرِ الْجَارِ غَيْرِ مَنْ تَقَدَّمَ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -: «إنَّ لِي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟ فَقَالَ: إلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا». انتهى.
ولمراجعة سفر المرأة للحج والعمرة بدون محرم انظر الفتوى التالية: 136128، 128348.
والله أعلم.