عنوان الفتوى : التفريق بين النوم الخفيف والثقيل

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

أريد أن أستفسر عن أمرين بخصوص الصلاة: أنا فتاة مريضة بالوسواس القهري منذ عشر سنوات تقريبًا, وقد دخل لي في أمور عدة في الطهارة, والصلاة, والاغتسال, والنجاسات, وقضاء الحاجة, والعقيدة؛ ونتيجة لهذه الأمور أصبحت أنسى بسرعة, وفقدت تركيزي, ولا أشعر بالواقع من حولي جيدًا, وعندي ضيق في التنفس, وتسارع في ضربات القلب, ولا مبالاة, وعدم القدرة على الإحساس بالمشاعر المختلفة جيدًا, والاكتئاب, وغيرها, وأريد أن أستفسر عن أمرين وأرجو إجابتي عنهما: 1- مع كل هذه الأعراض السابقة التي ذكرتها عندما أكون في الصلاة وأسجد أكون عالمة تمامًا في أي سجدة أنا, ولكني بمجرد أن أدعو الله وأنتهي أنسى هل أنا في السجدة الأولى أم الثانية, ولكني في غالب الأمر - أو كله - عندما أشك هكذا تكون هي السجدة الثانية, فأحيانًا أبني على أنها ذلك - أي أنها الثانية - ثم أسلِّم, وبعد الصلاة أو في أثنائها يتبين لي أني كنت محقة, وحدثت معي أكثر من مرة؛ لذلك إذا جاءني شك في صلاتي: هل سجدت مرة أم مرتين أبني على الأكثر, ولكني أخاف أن أكون ممن لا يستنكحه الشك, أو ربما لا أشك في اليوم مرة, أي أنني ربما أنسى في الصلاة - وهذا نتيجة للأعراض التي سببها لي الوسواس- كل أسبوع مثلًا, ولكني أقول: إنني مريضة بالوسواس, وهذا يكفي, والمرض في حد ذاته بمثابة الاستنكاح؛ حتى ولم لم يأتِني الشك في اليوم مرة, فهل فعلي صحيح؟ وقد صليت الفجر وتعرضت لهذا الموقف, ولم أدرِ ماذا أفعل: هل أسجد مرة ثانية - مع علمي أنني في الغالب أو بالتأكيد سأكون في الثانية فعلًا - أم أبني على الأكثر؟ مع العلم أنني أخاف ألا أكون ممن يستنكحه الشك, فأضطر لقطع الصلاة وإعادتها لأرتاح, ولكني في هذه الصلاة بنيت على الأكثر, ولم أسجد للسهو فهل فعلي هذا صحيح؟2) هل يمكن في النوم الخفيف أن أرى حلمًا أو أحداثًا؟ حيث إنني يحدث معي ذلك, ولكني أشعر أنني نمت نومًا خفيفًا فأشعر بأني لم أكن مغيبة بالكامل فأقوم وأصلي بوضوئي.شكرًا جزيلًا.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فالوسوسة من شر الأدواء, وأفتك الأمراض التي متى تسلطت على العبد أفسدت دينه ودنياه؛ فعليك أن تعرضي عن الوساوس التي بلغت منك مبلغًا عظيمًا, ولا تلتفتي إلى شيء منها، وكلما توهمت أنك لم تسجدي فادفعي هذا الوهم, ولا تلتفتي إليه حتى يعافيك الله تعالى، وانظري الفتوى رقم: 51601, ورقم: 134196.

وإذا حاول الشيطان أن يوهمك أنك لست موسوسة وأنّ لما تشكين فيه حقيقة؛ فادرئي في نحره, ولا تبالي بوسوسته حتى تتعافي من هذا الداء - بإذن الله -.

وأما النوم الخفيف: فإنه لا ينقض الوضوء مطلقًا عند بعض أهل العلم، وضابطه: ألا يزول الإحساس بالكلية, بحيث يسمع النائم نومًا خفيفًا الصوت المرتفع بقربه, ويشعر بالشيء إذا سقط من يده.

وأما إذا زال الإحساس بحيث لا يشعر بما يسقط من يده ونحو ذلك, فهو النوم الثقيل الناقض للوضوء على هذا المذهب، قال في منح الجليل: (وَإِنْ) كَانَ زَوَالُهُ - أي زوال العقل الذي ينتقض به الوضوء - (بِنَوْمٍ ثَقُلَ) بِأَنْ لَمْ يَشْعُرْ بِالصَّوْتِ الْمُرْتَفِعِ بِقُرْبِهِ, وَبِانْحِلَالِ احْتِبَائِهِ بِيَدَيْهِ, أَوْ بِسُقُوطِ شَيْءٍ مِنْ يَدِهِ, أَوْ بِسَيَلَانِ لُعَابِهِ, وَطَالَ, بَلْ (وَلَوْ قَصُرَ) النَّوْمُ الثَّقِيلُ. انتهى.

والرؤيا من علامات النوم الناقض للوضوء عند كثير من أهل العلم، قال صاحب البيان من الشافعية: حد النوم الذي ينقض الوضوء هو الذي يغلب على العقل، قليلًا كان أو كثيرًا, فأما ما لا يغلب على العقل، مثل: طرق النعاس، وحديث النفس فلا ينقض الوضوء, فإن تيقن الرؤيا، وشك في النوم، انتقض وضوؤه؛ لأن الرؤيا لا تكون إلا في نوم, وإن خطر بباله شيء، فلم يدر أكان ذلك في حديث نفس، أو رؤيا؟ لم يلزمه الوضوء؛ لأن الأصل الطهارة، ولا يزول ذلك الأصل بالشك. انتهى.

وعليه؛ فإذا تيقنت يقينًا جازمًا أنك أحدثت, أو أنك رأيت رؤيا, فإن وضوءك ينتقض بذلك، وإذا شككت هل هي رؤيا أو حديث نفس فالأصل عدم انتقاض الوضوء كما مر، وإن شككت هل نومك خفيف أو ثقيل فالأصل عدم انتقاض الوضوء، قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: والأظهر في هذا الباب أنه إذا شك المتوضئ: هل نومه مما ينقض أو ليس مما ينقض؟ فإنه لا يحكم بنقض الوضوء؛ لأن الطهارة ثابتة بيقين فلا تزول بالشك. انتهى.

وإذا نمت نومًا خفيفًا وشعرت بأنك أحدثت: فإن تيقنت حصول الحدث فيجب عليك أن تتوضئي, وأما مع الشك فلا يلزمك الوضوء.

والله أعلم.