عنوان الفتوى : أقوال العلماء في وضوء الساجد إذا نام
نام الإمام في السجود الأول من الركعة الأولى ونبهه الناس فانتقل إلى الركعة الثانية تاركا السجود الثاني فضج المسجد وترك الناس الصلاة فتقدم أحدهم وأعاد الصلاة ثم ذكر بأن الإعادة كانت لنقص صلاة الإمام الأول, فما قولكم بارك الله فيكم؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أن العلماء اختلفوا في نوم الساجد إذا كان نوما خفيفا هل تبطل به الطهارة ومن ثم الصلاة أو لا تبطل؟ على مذاهب: أَنَّ النَّوْمَ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ وَهَذَا مَحْكِيٌّ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي مِجْلَزٍ وَحُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ وَشُعْبَةَ.
وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي أَنَّ النَّوْمَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ بِكُلِّ حَالٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالْمُزَنِيِّ وَأَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، وَهُوَ قَوْلٌ غَرِيبٌ لِلشَّافِعِيِّ، قَالَ بن الْمُنْذِرِ: وَبِهِ أَقُولُ، قَالَ وَرُوِيَ مَعْنَاهُ عَنِ بن عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.
وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ أَنَّ كَثِيرَ النَّوْمِ يَنْقُضُ بِكُلِّ حَالٍ وَقَلِيلُهُ لَا يَنْقُضُ بِحَالٍ وَهَذَا مَذْهَبُ الزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ.
وَالْمَذْهَبُ الرَّابِعُ أَنَّهُ إِذَا نَامَ عَلَى هَيْئَةٍ مِنْ هَيْئَاتِ الْمُصَلِّينَ كَالرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ والقائم والقاعد لاينتقض وضوؤه سَوَاءٌ كَانَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَإِنْ نَامَ مُضْطَجِعًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا عَلَى قَفَاهُ انْتَقَضَ وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَدَاوُدَ وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ غَرِيبٌ.
وَالْمَذْهَبُ الْخَامِسُ أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ إِلَّا نَوْمُ الرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ، رُوِيَ هَذَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
والمذهب السادس أنه لا ينقض إلا نوم السَّاجِدِ، وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عنه.
والمذهب السابع أنه لاينقض النَّوْمَ فِي الصَّلَاةِ بِكُلِّ حَالٍ وَيَنْقُضُ خَارِجَ الصَّلَاةِ، وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ لِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَالْمَذْهَبُ الثَّامِنُ أَنَّهُ إِذَا نَامَ جَالِسًا مُمَكِّنًا مَقْعَدَتَهُ مِنَ الْأَرْضِ لَمْ يُنْتَقَضْ وَإِلَّا انْتُقِضَ سَوَاءٌ قَلَّ أَوْ كَثُرَ سَوَاءٌ كَانَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجِهَا وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. كذا في شرح النووي على مسلم.
وعليه، فإن صلاة هذا الإمام لم تكن بطلت على قول المالكية الذين يفرقون بين النوم الخفيف وغيره وعلى قول الحنفية الذين لا يرون بطلان الطهارة بالنوم على هيئة من هيئات الصلاة.
وعليه، فقد كان الواجب أن تسبحوا لهذا الإمام حين قام حتى يرجع للجلوس بين السجدتين ولا تقطعوا تلك الصلاة، وعلى القول ببطلان طهارة الإمام في الحال المذكورة فقد كان ينبغي لهذا الإمام أن يستخلف أحدكم فيكمل بكم الصلاة، أما وقد قطعتم الصلاة واستأنفتموها فقد أجزأتكم صلاتكم وسقط بها الفرض عنكم وبرئت بذلك ذمتكم.
والله أعلم.