عنوان الفتوى : كل من أنفق شيئا يحبه يدخل في الآية: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون)

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

اشتريت حذاء جديدًا, وحذائي السابق بحالة ممتازة, فقررت وضعه في حاوية الملابس, فتذكرت قوله تعالى: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}, فعلمت أن الموضوع هو مجاهدة نفس في التبرع بالجديد, ومواصلة استعمال القديم, فهل استنتاجي صحيح؟

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فمن الطبيعي أن يكون الحذاء الجديد أحب إليك من القديم, فإذا تصدقت به مسترشدًا ومستدلًا بالآية الكريمة فعملك واستنتاجك صحيح - إن شاء الله تعالى -.

وقد روى الإمام أحمد والبخاري ومسلم عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه قال: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ أَنْصَارِيٍّ بِالْمَدِينَةِ مَالًا, وكانَ أحبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بيْرَحاءُ - وَكَانَتْ مُسْتقْبلة الْمَسْجِدِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ - قَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا نَزَلَتْ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}, وَإِنَّ أحبَّ أَمْوَالِي إلَيَّ بيْرَحاءُ, وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّها وذُخْرَها عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، فَضَعْها يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ تَعَالَى, فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَخٍ، ذَاكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَاكَ مَالٌ رَابِح، وَقَدْ سَمِعْتُ، وَأَنَا أرَى أنْ تجْعَلَهَا فِي الأقْرَبِينَ", فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَسَمها أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ.

وقال الطبري في تفسيره لهذه الآية: فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: لَنْ تَنَالُوا - أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ - جَنَّةَ رَبِّكُمْ، حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ، يَقُولُ: حَتَّى تَتَصَدَّقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ, وَتَهْوُونَ أَنْ يَكُونَ لَكُمْ مِنْ نَفِيسِ أَمْوَالِكُمْ, ثم روى عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] قَالَ: "كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنْ يَبْتَاعَ لَهُ جَارِيَةً مِنْ جَلُولَاءَ يَوْمَ فُتِحَتْ مَدَائِنُ كِسْرَى فِي قِتَالِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَدَعَا بِهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] فَأَعْتَقَهَا عُمَرُ.

وقال شيخ الإسلام في منهاج السنة: فالتَّصَدُّقُ بِمَا يُحِبُّهُ الْإِنْسَانُ جِنْسٌ تَحْتَهُ أَنْوَاعٌ كَثِيرَةٌ.

فهذه الآثار والنقول تدل على أن الإنفاق مما يحب المرء عام في كل شيء طيب حلال.

والله أعلم.