عنوان الفتوى : هل التوبة لا تقبل ممن تكرر منه سب الله تعالى ثلاث مرات
أود أن أسأل بخصوص المسلم الذى سب الله مرات عديدة وتاب من هذا الفعل المشين عده مرات ولكن كان يعود إلى الذنب بعد التوبة وهكذا عدة مرات وقد قرأت على موقعكم الكريم أن باب التوبة مفتوح إذا تاب توبة نصوحا ولكن قرأت بعض الفتاوى بأن من العلماء من اشترط لقبول توبته ألا يتكرر ذلك منه ثلاثا فإن تكرر لا تقبل لدلالة التكرر على فساد عقيدته وقلة مبالاته بالإسلام .. فهل هؤلاء العلماء يقصدون عدم قبول توبته فى الظاهر أى فى أحكام الدنيا ؟ وهل لو تاب توبة نصوحا هل يقبل الله توبته فى رأي هؤلاء العلماء أم لا ؟ قد ذكرتم أن العلماء اختلفوا فى توبة من تكررت ردته فى الظاهر فهل أيضا من تكرر سبه لله عز وجل يكون الخلاف حول توبته فى الظاهر؟ وأشكركم على هذا الموقع الكريم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اجيب على هذا السؤال سابقا ولكن مرة أخرى نقول :
إن من أخلص التوبة لله تعالى بصدق قبلت توبته ولو عاد إلى الذنب أكثر مرة ما لم يغرغر أو تطلع الشمس من مغربها قال الإمام النووي رحمه الله في شرح مسلم "لو تكرر الذنب مائة مرة أو ألف مرة أو أكثر وتاب في كل مرة قبلت توبته وسقطت ذنوبه" وانظر الفتوى رقم: 51043 للمزيد من الفائدة.
ومن قال بعدم قبول توبة الشخص إذا تكررت ردته سواء كانت سبا لله أو ردة غير ذلك إنما يقصد الحكم في الظاهر، أي أنه يقام عليه حد الردة بعد ثلاث، وأما في الباطن فلا خلاف في أن توبته مقبولة.
قال ابن عبد البر في الاستذكار "روي عن علي -رضي الله عنه- أنه قال المرتد يستتاب، فان تاب قبل منه، ثم إن ارتد يستتاب فان تاب قبل منه، ثم إن ارتد يستتاب، فان تاب قبل منه، فان ارتد بعد الثلاث قتل ولم يستتب، وقالت به طائفة من العلماء"
ورجح شيخ الإسلام ابن تيمية قبول توبته إذا أخلص وأنه لا يعذب في الدنيا ولا في الآخرة فقال في الفتاوى "وَالْفُقَهَاءُ إذَا تَنَازَعُوا فِي قَبُولِ تَوْبَةِ مَنْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ أَوْ قَبُولِ تَوْبَةِ الزِّنْدِيقِ فَذَاكَ إنَّمَا هُوَ فِي الْحُكْمِ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوثَقُ بِتَوْبَتِهِ، أَمَّا إذَا قُدِّرَ أَنَّهُ أَخْلَصَ التَّوْبَةَ لِلَّهِ فِي الْبَاطِنِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ : { يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } . وَنَحْنُ حَقِيقَةُ قَوْلِنَا أَنَّ التَّائِبَ لَا يُعَذَّبُ لَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ"
وللمزيد من الفائدة انظر الفتويين: 54989، 174601.
والله أعلم.