عنوان الفتوى : شرح حديث (لا حسد إلا في اثنتين..)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ... فهل معناه مثلا عندما أقول إن ابني حافظ القرآن فإن العين لا تحسده؟ لأنني أفتخر به وبحفظه كثيراً من السور أمام الناس، فيقولون لي لا تتحدثي بهذا خوفاً من الحسد، فحديث حبيبنا ورسولنا عليه الصلاه والسلام ينفي الحسد في ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس معنى الحديث ما ذكرت، ومعنى الحسد هنا ـ كما قال أهل العلم ـ الغبطة وهي أن يتمنى الشخص مثل النعمة التي عند غيره من غير تمني زوالها عن صاحبها، قال النووي في شرح مسلم: والمراد بالحديث لا غبطة محبوبة إلا في هاتين الخصلتين وما في معناهما.. فإن كانت من أمور الدنيا كانت مباحة وان كانت طاعة فهي مستحبة.
وقال ابن حجر في فتح الباري: وأما الحسد المذكور في الحديث فهو الغبطة، وأطلق الحسد عليها مجازا، وهي أن يتمنى أن يكون له مثل ما لغيره من غير أن يزول عنه، والحرص على هذا يسمى منافسة، فكأنه قال في الحديث: لا غبطة أعظم أو أفضل من الغبطة في هذين الأمرين.
وقال ابن عبد البر: فكأنه صلى الله عليه وسلم قال لا حسد، ولكن الحسد ينبغي أن يكون في قيام الليل والنهار بالقرآن، وفي نفقة المال في حقه، وتعليم العلم أهله.
فليس المقصود بالحسد هنا الحسد المحرم أو الضار الذي هو تمني زوال النعمة عن المحسود أو إصابته بالعين أو ما أشبه ذلك.
والله أعلم.