عنوان الفتوى :
المرجو منكم المساعدة. أنا امرأة تعيش في بلاد المهجر منذ مدة طويلة، أعطاني الله و له الحمد من كل شيء. منذ 4 سنوات تقريبا بدأت أجني أرباحا مهمة من عملي لكن للأسف لم أدفع زكاة. منذ سنة و أنا أحاول معرفة كيفية حساب الزكاة الواجبة علي، لكنني الآن نويت الحج و أريد فعلا إخراج ما علي قبل سفري. كنت قد اشتريت بمعية زوجي الأول منزلا للسكن، اشتريناه بقرض ربوي (أشير أن قيمة الفوائد قليلة جدا و الدولة تخصم قيمتها من الضرائب المفروضة علينا باعتبارنا مهنيين أحرار: يعني لو قيمة الفائدة 100 يورو شهريا و علينا ضرائب بقيمة 150، تسقط عنا 100 أو جزء منها و أدفع 50 فقط أو ما تبقى من أصل الضرائب). حصل طلاق بيني و بين زوجي الأول و اشتريت حصته في البيت لحل المشكل و لضمان استقراري أنا و الأولاد، لكن لم أشتره منه مقابل مال و إنما تحملت عنه باقي الدين الذي كان عليه بدل أن أعطيه المبلغ دفعة واحدة، تحملت باقي القرض لوحدي و أبرأت ذمته أمام البنك، و الآن أدفع الأقساط لوحدي. كنت أيضا قد دفعت مقدم 210.000 درهم لشقتين في نفس الوقت في بلدي المغرب على أن أدفع نفس القيمة لاكتمال ثمنهما عند استلامهما و ذلك بتاريخ غير محدد، بعد فترة بسيطة، دفعت مقدم 40.000 درهم في شقة ثالثة على أن أدفع 16.000 درهم كمبلغ متبقى عند تسلمها بتاريخ غير محدد. طول هذه المدة كنت كلما وفرت مبلغا حولته على حسابي في المغرب كي أستطيع دفع باقي المبلغ عند تسلم الشقق الثلاث أو ما كان جاهزا منها. و كل مرة كنت أسافر المغرب و أحتاج مالا أسحب منه ثم أحوّل حسب الظروف. الآن الرصيد يصل تقريبا إلى 210.000 ألف درهم تقريبا. كنت قد أقرضت أختي مبلغ 40.000 درهم على أن ترجعه لي في أقل من سنة، لكنها كانت قد تعذرت و لم تستطع سداده في وقته، إلى الآن سددت لي منه مبلغا بسيطا جدا: 3000 درهم، و الباقي لم أعد أستطيع مطالبتها به، و إنما تركته إلى حين ميسرة. كان لي رصيد آخر هنا حيث أعيش دخلت به في شراكة مع أحد زميلاتي منذ سنة بالضبط و فتحنا مشروعا تجاريا كلف كل واحدة منا 35.000 يورو تقريبا كمبلغ أولي، خلال هذه السنة لم يصف لنا أي ربح بل استمررنا في دعم المشروع بمبالغ نجنيها من عملنا الاعتيادي. تزوجت للمرة الثانية و قد كان زوجي اقترح مهرا قدره 70.000 درهم، دفع معظمه و أنا بيني و بين ربي تنازلت عن الباقي منه، المبلغ المدفوع استعملته لدعم مشروعي، و كان قد أهداني عند زواجنا ذهبا لا أعرف قيمة معظمه و لا وزنه، و أهداني بعد ذلك و على فترات متفاوتة ذهبا آخر و لم أحاول مرة تقييم مجموع الذهب. توفي والدي و نحن صغار و لي أختان و أم، ترك لنا أرضا ورثها معنا جدي و جدتي اللذان تنازلا لنا نحن البنات عن حصتهما في الإرث قبل وفاتهما رحمهم الله جميعا، أمي بنت عمارة على الأرض و أجرت الطابق الأرضي، الأموال التي بنت بها العمارة كانت إما من تعويضات عن والدي، أو معاش، أو امتيازات لأرامل و أيتام الجيش، أو من تجارتها و عملها هي شخصيا. لم أعرف يوما كم قيمة ما لي في الأرض أو في البيت و لم أسأل يوما عن حصتي من العائد من الإيجار. أنا الآن مستمرة في العمل لكن مدخولي قل عن السابق، و بالكاد أستطيع ملاحقة الالتزامات المادية و متطلبات الأولاد لأن والدهم يساهم بمبلغ بسيط جدا لا يكفي حتى لمصاريف أكلهم و شربهم أو دراستهم، و هو متملص من أية مسؤولية أخرى مادية كانت أو معنوية. لكوني مهنية حرة دخلي غير قار، ساعات تدخل مبالغ معقولة و ساعات أقل بكثير، لكن في المتوسط ألاحق بالكاد المصاريف و أوفر مبلغا بسيطا على جنب ترقبا لفواتير أو سفر أو ضرائب، و عليّ متأخرات كثيرة بخصوص مدارسهم لا أريد دفعها حتى تقرر المحكمة وجوب مشاركة والدهم فيها. أعتذر عن الإطالة و التفصيل لكني محتاجة أن أعرف ما يجب أن أدفعه من حق الله فيما أعطاني. لكم مني بالغ الشكر و فائق التقدير
فالسؤال طويل وتتخلله مسائل فقهية كثيرة ونجيب عليها بتوفيق الله تعالى فيما يلي :
أولا : الزكاة التي لم تدفعيها لسنة تعتبر دينا في ذمتك ولا تسقط بالتأخير والواجب إخراجها على الفور, وكيفية حسابها أن تنظري فيما عندك من المال البالغ نصابا في تلك السنة ثم تخرجين ربع العشر 2.5 %
ثانيا : بالنسبة للأقساط التي عليك فإن جمهور أهل العلم يرون أن الدين يخصم من الزكاة، فعلى هذا تخصمينها مما عندك من مال وتزكين ما فضل، ومذهب الشافعي -رحمه الله- في الجديد وهو اختيار العلامتين ابن باز وابن عثيمين أن الدين لا يخصم من الزكاة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعثُ عماله لأخذ الصدقة ولم يكونوا يسألون الناس إن كان عليهم ديون أو لا، وهذا القول أحوط. والمفتى به عندنا في هذه المسألة هو مذهبُ مالكٍ رحمه الله وهو أن الدين يُخصمُ من المال المزكى؛ إلا إن كانت لدى المزكي أموال أخرى غير زكوية فاضلةً عن كفايته فيجعلها في مقابل الدين ويزكي ما عنده من مال، وانظري الفتوى رقم: 42173.
ثالثا : تلزمك وزوجك الأول التوبة إلى الله تعالى من الاقتراض بالربا , ولا تعذران بكون الزيادة الربوية قليلة كما ذكرت لأنهم يخصمون قيمة الضرائب , فالربا حرام قليله وكثيره.
رابعا : شراء البيت من زوجك مقابل سداد أقساط الدين الذي عليه إن كان الدين معلوما لك فهذا بيع صحيح ما دام الثمن معلوما, لكن إن كان بقي عليه فوائد ربوية من قرضه هذا وقمت بدفعها فقد ارتكبت اثما وعليك التوبة إلى الله عز وجل . وراجعي الفتوى رقم 9491
خامسا: الشقق التي دفعت مقدما لها إن كنت تعنين بقولك { بتاريخ غير محدد } أي تاريخ استلام الشقق غير محدد فهذا لا يصح معه العقد لأن من شروط عقد الاستصناع ذكر الأجل في المفتى به عندنا كما بيناه في الفتوى رقم 74087, والفتوى رقم 115760.
سادسا: المبلغ الذي أقرضتيه لأختك وعجزت هي عن سداده لا يجب عليك إخراج زكاته إلا بعد قبضه, وتزكيه لما مضى من السنين، ومن العلماء من قال يزكى لسنة واحدة بعد قبضه فور قبضه، ومنهم قال يستقبل به حول جديد، وانظري لتفصيل القول في هذه المسألة ومعرفة أقوال أهل العلم ـ الفتوى رقم 119194،والفتوى رقم 119205.
سابعا : ما تنازلت عنه من المهر وأنت طائعة مختارة برئت ذمة الزوج منه ولا زكاة عليك فيه وإنما تجب عليك زكاة ما لم تتنازلي عنه إن بلغ نصابا وحال عليه الحول , وانظري التفصيل عن زكاة المهر في الفتوى رقم 52766.
ثامنا : الذهب الذي أهداه لك زوجك عند الزواج وبعده إن كنت تعدينه للبس والزينة فلا زكاة فيه في قول جمهور أهل العلم، وقال بعضهم تجب فيه الزكاة وهذا أحوط , وانظري الفتوى رقم 137296عن القول المختار في زكاة الحلي , والفتوى رقم 265عن كيفية حساب زكاته .
تاسعا: تنازل جدك وجدتك عن نصيبهما من تركة أبيك لك ولأخواتك إن تنازلا عن نصيبهما في حال صحهتما وقبضتموه قبضا شرعيا قبل مماتهما فهذه هبة صحيحة ولا إشكال فيها , وأما أن تنازلا في حال مرضهما المخوف أو لم يحصل قبض وحيازة إلا بعد وفاتهما فهذه هبة غير صحيحة , وانظري الفتوى رقم 126199.
عاشرا : بالنسبة لبناء أمكم العمارة في أرض الورثة وبمال مختلط من المعاش وتجارتها وتعويضات عن زوجها ينبغي الرجوع فيه إلى المحكمة الشرعية عندكم أو مشافهة أهل العلم مباشرة بالسؤال حتى تتم الإجابة بناء على تصور المسألة بشكل صحيح لا لبس فيه ومن غير ضرب عدة احتمالات , ولذا لا يمكننا الإجابة عليه .
والله تعالى أعلم