كيف يحارب الإسلام من الداخل
مدة
قراءة المادة :
5 دقائق
.
أنى ألتفت إلى بلد من بلدان العالم الإسلامي وجدت جهات كثيرة تحارب الإسلام، وتحاول - بكل ما تملك من طاقات ووسائل - هدم أركانه وزعزعة بنيانه.ومن أشد هذه العداوات وأكثرها كيداً ودهائاً وخبثاً تحالف أعداء الإسلام مع المنافقين الذين يقولون ما لا يفعلون ويحسبون كل صيحة عليهم.
ومن هؤلاء المنافقين كثير من زعماء الصوفية في عصرنا الحديث وسوف نذكر في هذه الأسطر القليلة أبرز سماتهم وأهم تناقضاتهم.
- يلبسون لبوس الرهبان ويتظاهرون بالزهد والورع والتقوى ويزعمون أن الدنيا لا تساوي عندهم جناح بعوضة، ويتباكون من خشية الله تعالى.
- يكرهون العلم والعلماء وينفرون من أمهات الكتب الإسلامية ويناصبون الفقهاء والمحدثين العداوة والبغضاء ويسفهون كل من يطالبهم بذكر الأدلة الشرعية.
- يقدسون شيوخهم فيُقبّلونَ أيديهم وأرجلهم ويسجدون أمامهم ولا يردون لهم أمراً، ويرون أن هؤلاء الشيوخ يعلمون الغيب، وكل ما يصدر عنهم من قول أو فعل لا يجوز مخالفته أو التشكيك فيه.
- هم وحدهم الذين يفهمون القرآن والحديث والفقه؛ لأنهم تلقوا هذه العلوم عن شيوخهم، وشيوخهم تلقوا هذه العلوم عن الأوتاد والأبدال والأقطاب الذين يشتركون في تصريف أمر هذا الكون، ويعلمون الباطن في حين لا يفهم علماء التفسير والحديث من هذه العلوم إلا الظاهر، والظاهر لا يغني من الحق شيئاً.
- يحبون الفلسفة، ويعشقون علماء الكلام من الملاحدة في القديم والحديث؛ لأنهم يتفقون معهم في كثير من أفكارهم الخطيرة كوحدة الوجود والحلول.
ولست في صدد الحديث في هذا التعليق عن أفكار غلاة الصوفية وتصوراتهم وأخلاقهم، فلقد سبقني إلى هذا الفضل علماء كبار صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وتركوا لنا أسفاراً نفيسة بينوا فيها فساد اعتقاد غلاة الصوفية وكشفوا أسرارهم، وهتكوا أستارهم.
وإن الذي دفعني إلى كتابة هذه الأسطر ما أراه من حرص كثير من أجهزة الإعلام - التي تحارب الإسلام والمسلمين - على تلميع وجوه قادة غلاة الصوفية وإحاطتهم بهالة من التقديس والتعظيم:
فأنت تقرأ في صحيفة علمانية أخبار أحد زعماء الصوفية وتصريحاته ومواقفه المزعومة في خدمة الإسلام والمسلمين وتشاهد صورة الشيخ إلى جانب التصريح الذي أدلى به...
وفضلاً عن هذا وذاك تحتل الصورة والتصريح أهم مكان في الصحيفة، وتبحث عما وراء الأسطر فتعلم بأن الشيخ المزعوم يمد الصحيفة بأرقام خيالية من المساعدات المادية، ولا ندري من أين يأتي بها ؟ !.
وفي صحيفة أخرى أو جهاز إعلام آخر نلاحظ أن الاختيار وقع على هذا الزعيم الصوفي ليكون عوناً للعلمانيين في معركتهم مع دعاة الإسلام، ولهذا يتبوأ الشيخ وتلامذته أعلى المناصب وأرفع الدرجات، وتغدق عليهم الأموال وتقدم لهم المنح والأعطيات...
وبعد حين من الزمن يصبح الشيخ وأعوانه من كبار أصحاب رؤوس الأموال، ويمتلكون المزارع والمتاجر والعقارات، ويعيشون حياة السلاطين والأباطرة، وهم الذين يتحدثون في دروسهم ومواعظهم عن الزهد والورع وخشونة العيش.
ومن المؤسف أن هؤلاء الذين تم اختيارهم لأعلى المناصب الدينية ليسوا من العلماء ، بل إنهم من أجهل الناس فيفهم كتاب الله جلَّ وعلا، وفي معرفة الحديث الصحيح من الضعيف أو الموضوع...
ولا غرابة في ذلك فأعداء الإسلام يخشون من العلماء العاملين ويحرصون على شراء ذمم الجهلة المتقاعسين الذين يفتون عن غير علم فيصلُّون ويُضلّون.
وقد سئل هؤلاء الجهلة الصوفيون عن أسباب تعاونهم مع أعداء الإسلام ولماذا يبطش الملاحدة بالدعاة إلى الله ويوادون الصوفيين، فأجابوا:
نحن لا نتدخل بالسياسة، ونتودد إلى الناس جميعاً، ونخاطبهم بالحكمة والموعظة الحسنة.
وقد كذبوا في هذه وتلك، فهم ينافقون لأعداء الإسلام، ويتذللون لهم في حين يقفون من العلماء والمحدثين موقفاً آخر ليس فيه مودة ولا ليونة.
وفي معركة دعاة الإسلام مع الملاحدة والطغاة، انحاز غلاة الصوفية إلى جانب الملاحدة من الشيوعيين والرأسماليين والعلمانيين، ولو أنهم وقفوا على الحياد لالتمسنا لهم الأعذار وسكتنا عنهم..
لكنهم دخلوا السياسة من أوسع أبوابها، وشنوا حملة ضد الدعاة إلى الله، وباعوا أنفسهم للشيطان لقاء دريهمات معدودات، كما باعوا آخرتهم بدنياهم، وإذا هلك شيطانهم الأول استبدلوه بشيطان آخر قد تتناقض مواقفه وأقواله مع سلفه، ولا يخجلون من تغيير المواقف والولاءات.
إن قادة الفرق الصوفية يفسدون داخل الصف الإسلامي، ولا يصلحون، ويعرف أعداء الإسلام كيف يتعاملون معهم، وكيف يستخدمونهم في حربهم ضد الإسلام والمسلمين، فبالأمس القريب استخدمهم الانكليز والفرنسيون عندما استعمروا معظم بلدان العالم الإسلامي، وانتسب بعض زعمائهم إلى المحافل الماسونية ، وفي مقدمتهم ذلك المخرف الذي أمر بحرق كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ان القيم كما أمر بنشر كتب ابن عربي وابن الفارض وغيرهما من أساطين الصوفية.
إن شباب الإسلام مدعوون إلى رصد هذه الظاهرة وسبر غورها وتحذير الناس من أخطارها.
{رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إذْ هَدَيْتَنَا وهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ}.