عنوان الفتوى : هل ينفسخ نكاح من ارتد قبل الدخول بزوجته ثم رجع عن ردته
قال صاحبي : كنت في سفر وهناك نسيت نفسي وارتددت عن ديني، وعندما ارتددت كنت أعلم أن ذلك يفرق بيني وبين زوجتي ومع ذلك فعلت ! والآن تبت من جديد ، فما حكم زوجتي التي لم أدخل بها. هل تعتبر ردتي مع علمي بما ينتج عنه من التفريق رضا بالطلاق فتحسب طلقة مع أنني لو سألت هل تريد تطليقها لرفضت؟ وإذا لم يكن طلاقا فهل يجب علي تجديد العقد أم يجوز لي الأخذ بالرأي القائل بعدم الوجوب علما أننا شافعية ؟ لكن هذا الرأي يريحني جدا من ناحية أهل زوجتي ! وها أنا أحمل سؤاله لكم آملا منكم سرعة الإجابة وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا ننبه أولا إلى أن الردة أمرها عظيم وخطبها جسيم وعاقبتها غير محمودة، فيجب الحذر منها وقطع كل طريق يمكن أن يؤدي إليها، وليحمد هذا الأخ ربه كثيرا أن أبقاه حيا حتى مكنه من التوبة، ولم يمته على الردة فيخسر دنياه وأخراه، قال تعالى: وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون.[البقرة:217 ].
وبخصوص مسألتك فأكثر أهل العلم على أنه إذا ارتد أحد الزوجين قبل الدخول انفسخ النكاح ويجب تجديد العقد، وراجع في هذا فتوانا رقم 147405. ومن العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية من ذهب إلى عدم انفساخ النكاح بالردة ولو كانت قبل الدخول وأنه يجوز للزوج أن يرجع زوجته من غير عقد جديد. ويمكن مطالعة الفتوى رقم 23647 والفتوى رقم 143337.
وقول الجمهور هو المفتى به عندنا، ونحسب أن الأمر يسير. فإذا أراد تجديد العقد فيمكن أن يتلطف في إخبار الزوجة وأهلها بالموضوع فيخبرهم أنه حصل منه ما يوجب تجديد العقد ويوهمهم أنه تعليق للطلاق أو تلفظ به من غير قصد أو نحو ذلك, فهذا من التورية، وفي التورية مندوحة عن الكذب . قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أما في المعاريض ما يكفي المسلم الكذب . وقال عمران بن حصين : إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب . رواهما البخاري في الأدب المفرد.
وإن احتاج إلى الأخذ بالقول الآخر فنرجو أن لا حرج عليه، وممن رجح جواز الأخذ بالرخصة عند الحاجة السبكي حيث قال رحمه الله في الإبهاج شرح المنهاج: ... وأما نحن فإنه يجوز التقليد للجاهل والأخذ بالرخصة من أقوال العلماء بعض الأوقات عند مسيس الحاجة من غير تتبع الرخص، ومن هذا الوجه يصح أن يقال الاختلاف رحمة؛ إذ الرخص رحمة.اهـ.
والله أعلم.