عنوان الفتوى : مذهب ابن تيمية فيما إذا ارتد أحد الزوجين
ذكرتم في الفتوى رقم 23647 أن ابن تيمية يرى عدم انفساخ النكاح بالردة ولو كانت قبل الدخول أو بعده، ولو انتهت العدة طالما لم تتزوج المرأة واختارت زوجها ..فإذا كانت الردة على هذا الرأي قبل الدخول فهل يتوقف فسخ النكاح على انتهاء العدة أيضاً؟وإذا أراد الرجل إكمال حياته الزوجية على هذا الرأي بعد أن انتهت العدة قبل الدخول فماذا يفعل؟هل يقول لزوجته إنه حصل منه ردة وأنها يجب أن توافق على الرجوع إليه ليصير النكاح صحيحا؟أم لا يفعل شيئا أصلاً؟أرجو ملاحظة أن كل أسئلتي تتعلق بهذا الرأي لا بغيره من الآراء ..وما هي أدلة ابن تيمية في ذلك؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فينبغي التنبيه أولا إلى أن المرأة قبل الدخول بها لا تكون عليها عدة إذا حصل انقطاع لعصمتها بطلاق أو فسخ، وإذا تقرر هذا علمت أن السؤال عما إذا كان الفسخ في الردة قبل الدخول يتوقف على انتهاء العدة غير وارد.
وعلى أية حال فالصحيح من مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية أن ردة أحد الزوجين لا يترتب عليها فسخ النكاح، وما دامت الزوجة في العدة فهي ممنوعة من الزواج لوجود حق زوجها الأول، وبعد انقضاء عدتها يجوز لها الزواج إن شاءت، وإن اختارت ألا تتزوج وتنتظر إسلام زوجها فلها ذلك وهذا القول قد أيده الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى قائلا إنه هو الذي تدعمه الأدلة حيث قال في الشرح الممتع:
ويقول شيخ الإسلام: القياس إما أن ينفسخ النكاح بمجرد اختلاف الدين، كما قاله ابن حزم؛ لأنه وجد سبب الفرقة إذا قلنا: إن الإسلام سبب للفرقة، وإما أن يبقى الأمر على ظاهر ما جاء في السنة، وهو أنه لا انفساخ، لكن ما دامت في العدة فهي ممنوعة من أن تتزوج من أجل بقاء حق الزوج الأول، وبعد انقضاء العدة إذا شاءت أن تتزوج تزوجت، وإن شاءت أن تنتظر لعل زوجها يسلم فلا حرج، وهذا الذي قاله هو الذي تشهد له الأدلة، ولأنه القياس حقيقة. انتهى.
وبناء على ذلك فإن كانت الردة قبل الدخول فقد علمت أنه لا عدة على الزوجة، وبالتالي فلها أن تتزوج إن شاءت وإن اختارت أن تنتظر إسلام زوجها فلها ذلك. وإن أراد الزوج المرتد إكمال حياته مع زوجته فلا بد أن يتوب ويعود إلى الإسلام، وإن عاد إلى الإسلام وكانت عدة زوجته قد انقضت أو لم تكن عليها عدة لحصول الردة قبل الدخول فإنه لا بد من وفاقها على استنئاف حياتهما الزوجية، لأن التراجع بعد العدة مباح لهما وليس جبرا عليهما. وراجع في أدلة ابن تيمية ومن معه مع مزيد من الفائدة الفتوى رقم: 133087.
والله أعلم.