عنوان الفتوى : مذاهب العلماء في تصرف المرتد في ماله
أب مسلم عمره 68 عاما اعتنق اليهودية منذ 23 سنة ولا يعترف بالرسول صلى الله عليه وسلم ويسب الرسول صلى الله عليه وسلم وينفي رسالته ويصوم السبت فقط ويواظب على القراءة في التوراة ويحذو حذو اليهود في أفعالهم وتنازل عن جميع أملاكه بعقود مسجلة للأولاد دون البنات، علماً بأن الأسرة معتنقة الإسلام والأولاد مستحلون للعطية دون عدل ولن يعدلوا حتى بعد محاولات كثيرة لرد الظلم من جميع الناس ومن الإناث علماً بأن الإناث بأشد حاجة للمأوى والمال بعيدا عن أب يعتنق الديانة اليهودية وغير ملتزم في جميع تصرفاته ولا أحد في الأولاد، أو الأب يريد غير مصلحته فقط، فما العمل بالنسبة للإناث؟ وهل يجوز أخذ حقهن فقط من المال المغتصب من الأخوة والأب الملحد؟ مع العلم أنه لايعطيهن شيئاً ولايصرف عليهن نهائيا ولن يفعل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل في مال المرتد أنه فيء لعامة المسلمين يصرف في مصالحهم وليس لأولاده اختصاص به، فإن مات لم يرثوا منه شيئاً، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 23216.
وتصرف المرتد في ماله محل خلاف بين أهل العلم فمنهم من يرى بقاء ملكه وصحة تصرفاته، ومنهم من يرى زوال ملكه فلا تصرف له أصلا، والجمهور من المالكية والحنابلة والشافعية في الأظهر، وأبو حنيفة: ذهبوا إلى أن ملك المرتد لا يزول عن ماله بمجرد ردته، وإنما هو موقوف على مآله، فإن مات، أو قتل على الردة زال ملكه وصار فيئا، وإن عاد إلى الإسلام عاد إليه ماله، لأن زوال العصمة لا يلزم منه زوال الملك، ولاحتمال العود إلى الإسلام، وبناء على ذلك يحجر عليه ويمنع من التصرف، ولو تصرف تكون تصرفاته موقوفة، فإن أسلم جاز تصرفه، وإن قتل، أو مات بطل تصرفه وهذا عند المالكية والحنابلة وأبي حنيفة، وفصل الشافعية فقالوا: إن تصرف تصرفا يقبل التعليق كالعتق والتدبير والوصية كان تصرفه موقوفا إلى أن يتبين حاله، أما التصرفات التي تكون منجزة ولا تقبل التعليق كالبيع والهبة والرهن فهي باطلة بناء على بطلان وقف العقود.
ويرى جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة في المشهور عنهم: أن المرتد لا يرثه أحد من المسلمين، أو غيرهم ممن انتقل إلى دينهم، بل ماله كله - إن مات أو قتل على ردته - يكون فيئا وحقا لبيت المال. باختصار من الموسوعة الفقهية.
وفي ظل تعطيل الحدود، فإن المرتد لا يستتاب ولا يقتل ويبقى تصرفه في ماله نافذا، ولا يمكن معاملته بمقتضى أحكام الشريعة، فليس هناك سبيل لوقف تصرفاته، وقد سبق أن بينا مبررات ذلك في الفتوى رقم: 99076.
وفي مثل هذه الحالة لا حرج على البنات أن يأخذن ما يحتجنه في مأكلهن وملبسهن من ماله، وراجع الفتوى رقم: 23216.
وإذا امتنع الذكور عن ذلك فترفع القضية إلى المحكمة الشرعية قطعا للنزاع.
والله أعلم.