عنوان الفتوى : نعيم المرأة الصالحة في الجنة
(حور مقصورات في الخيام) هل نساء الدنيا في الجنة مقصورات محبوسات من أجل الرجل؟ وهل كل نعيمها في الجنة هو الزواج فقط؟ كنت أعتقد أن الحور هن المحبوسات فهن خلقن من أجل الرجل ثوابا وجزاء له. قال الله تعالى " وفاكهة مما يتخيرون *ولحم طير مما يشتهون *وحور عين " فلقد ذكرت الحور مع الفاكهة واللحم فهي إحدى متع الجنة مثل الطعام والشراب. ولا أعلم لماذا تغار بعض النساء من الحور! أعتقد أن الحور العين تكريم للمرأة الصالحة. فالمرأة المؤمنة خلقت من أجل عبادة الله، ولم تخلق للرجل كالحور العين، والزواج في الجنة ليس من أجل التناسل وإعمار الأرض، وعليها طاعة الزوج وخدمته كالدنيا، إنما هو من جملة النعيم الذي وعد به أهل الجنة، فهو للمتعة وقضاء الشهوة، فهي حين تريد زوجها يأتيها، وحينما لا تريده يكون مع الحور لقضاء شهوته، وتستمتع هي بما أعطاها الله من نعم في الجنة بفضل عبادتها وأعمالها في الدنيا، فالأمر يكون بيدها في الجنة، فلا طاعة لمخلوق في الجنة حتى لو كان الزوج، فشوق المرأة للرجال ليس كشوق الرجال للمرأة فشوقها إلى الجمال والزينة من اللباس والحلي يفوق شوقها إلى الرجال. وقال النبي صلي الله عليه وسلم (يعطي المؤمن في الجنة قوة كذا وكذا من الجماع ) قيل يا رسول الله أو يطيق ذلك؟ قال : (يعطى قوة مائة رجل ) ولو كان للرجل زوجة واحدة في الجنة لكان الأمر بيده يأتيها كلما أراد هو. فالحور هن من أملاك الرجل في الجنة، ولكن المرأة المؤمنة لا تكون ملكا لأحد، بل لها أملاكها وقصورها ومتعها الخاصة بها مثلها مثل الرجل؛ جزاء لها على عبادتها لله، فالمرأة الصالحة عبدت الله وصلت وصامت واحتملت لتدخل الجنة، وترى جزاء وثواب عبادتها، ولم تدخل الجنة من أجل أن تكون زوجة لرجل وتعيش فيها من أجل زوج، بل دخلتها بسبب أعمالها، وتستمتع في الجنة من أجل نفسها فقط، كما يعيش فيها الرجل من أجل نفسه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن هذه الآية وردت في الحديث عن الحور العين اللاتي يكرم الله بهن أهل الجنة، ولا يراد نساء الدنيا، وهذا هو المشهور خلافا للحسن البصري.
وقد احتج القرطبي للقول المشهور بأن الله تعالى قال: لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ {الرحمن:74}.
وننصح الأخت السائلة بالإعراض عن كثير من هذه التفاصيل التي ذكرتها في سؤالها، فإن أهل الجنة يعيشون في نعيم مقيم رجالهم ونساؤهم لهم فيها ما يشاؤون.
والمرأة الصالحة لا يضيع الله تعالى عملها كالرجل كما قال تعالى: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ{آل عمران:195}
ونحن لا نعلم ما حال الجنة إلا ما جاء عن الله تعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.