عنوان الفتوى : ميراث من مات ولم يدفع الزكاة وأودع ماله في بنك ربوي

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

سؤالي يا شيخنا الفاضل: أن لدي صديق توفي والده وترك لهم مالا في مصر وآخر في الكويت، والمال الموجود في مصر أكثر من الموجود في الكويت وهو وديعة في بنك ربوي ولا يستطيع أن يعرف ما المال الذي أودعه أبوه من الفائدة، لأنه حساب منذ 25 سنة وكان المتوفى أحيانا يودع به مبلغا من المال كل فترة، وأما المال الموجود في الكويت فهو في بنك ربوي وفي حساب جار ـ أي بدون فوائد ـ وترك المتوفى زوجة وابنا وبنتين؟ فماذا يفعل صديقي؟ فإن قبل نصيبه من الورثة فهل يعتبر آكلا للربا؟ أم يتقاسم معهم مال الكويت ويتنازل عن مال مصر؟ مع العلم أن أباه لم يدفع أبدا زكاة المال طيلة حياته، فهل يجب على الورثة دفعها عنه، والبنتان بحاجة إلى المال ولا تريدان دفع الزكاة عن أبيهم ولا يوجد عندهم مشكلة إن أخذوا مال مصر، أرجو الإفادة لو سمحت جزاك الله خيرا وأدخلك الجنة إن شاء الله.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالذي نستطيعه أن نقرر للسائل مسألتين:

الأولى: أن الزكاة حق لا يسقط بالتقادم، فيجب إخراج الزكاة عن السنين التي لم يخرج فيها الميت زكاة ماله، ولا يدخل هذا القدر في التركة التي يستحقها الورثة كسائر الديون المتعلقة بالتركة، على الراجح من قول جمهور أهل العلم، وقد سبق لنا بيان كيفية إخراجها في الفتويين رقم: 35577، ورقم: 58320.

والثانية: أن الفوائد الربوية وسائر ما اكتسِب بسبيل غير مشروع، لا يحل للورثة، ويجب عليهم إخراجه من التركة قبل القسمة، على الراجح من قول أهل العلم، فإن لم يستطيعوا تعيينه ولو بالاجتهاد والتقدير أخرجوا نصف المال، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: أما القدر الذي يعلم الولد أنه ربا فيخرجه، إما أن يرده إلى أصحابه إن أمكن، وإلا تصدق به، والباقي لا يحرم عليه، وإن اختلط الحلال بالحرام وجهل قدر كل منهما، جعل ذلك نصفين. اهـ.

وراجع في ذلك الفتوى رقم: 9616. ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 65692، 104910، 120302.

وأما من حيث الفصل بين صديقك وبين بقية الورثة فلا يمكن إلا بعرض القضية برمتها على القضاء الشرعي لأن حكم الحاكم يرفع النزاع، وذلك أن كلا المسألتين قد حصل فيه خلاف بين الفقهاء، فالزكاة التي وجبت في مال الميت، من أهل العلم من يرى أن تبعة عدم إخراجها على المورث وحده، ومنهم من يرى أن الوارث لا يجبر على إخراجها إلا إذا أوصى بها الميت كما سبق التنبيه عليه في الفتويين رقم: 120677، ورقم: 94971.

وأما مسألة تملك الفوائد الربوية بالإرث: فمختلف بناء على اختلاف العلماء في جواز ملكية المال الحرام بالإرث، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 9712.

والمقصود أن ننبه السائل على أن مثل هذه المسائل لا يرفع النزاع فيها إلا القاضي الشرعي، فإذا تصالح جميع الورثة على إخراج الزكاة والتخلص من المال الحرام قبل القسمة فالحمد لله، وإن اختصموا وأبى بعضهم إلا أن يأخذ قسمه من كامل المال، فالذي نراه لصديق السائل أنه يسعه ـ إن شاء الله ـ أن يخرج من نصيبه الشرعي ما يتعلق به من حق الزكاة وقدر المال الحرام، وذلك بحسب نسبة استحقاقه في الإرث، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 75809.

قال ابن قدامة في المغني: إن أقر أحد الورثة ـ يعني بدين على المورث ـ لزمه من الدين بقدر ميراثه، وإذا قدره من الدين فإن كانا اثنين لزمه النصف، وإن كانوا ثلاثة فعليه الثلث، وبهذا قال النخعي والحسن والحكم وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور والشافعي في أحد قوليه لأنه إقرار يتعلق بحصته، فلا يجب عليه إلا ما يخصه. اهـ.

والله أعلم.